بحث في بعض الأعمال المضمونة قوله (رحمه الله): ويبقى الكلام حينئذ في بعض الأعمال المضمونة.
أقول: قد عرفت أن المقبوض بالعقد الفاسد مضمون على القابض، وهل يحكم بضمان الأعمال التي لا ترجع نفعها إلى الضامن ولم تقع في الخارج بأمره، كالسبق مثلا في المسابقة الفاسدة، أم لا.
قد حكم الشيخ والمحقق (1) وغيرهما (2) بعدم استحقاق السابق أجرة المثل، وحكم قوم آخرون (3) بالاستحقاق، والتحقيق هو الأول، لأن مناط الضمان أما الاستيلاء على أموال الناس أو استيفاء منافعها أو الأمر بعمل محترم مع صدوره من المأمور في الخارج، سواء أوصل نفع ذلك العمل إلى الأمر أم لم يصل إليه.
ومن الظاهر أن هذه الجهات كلها منتفية في المسابقة الفاسدة، بديهة أن الصحيح منها إنما يوجب الضمان من جهة امضاء الشارع هذه المغالبة لأجل الاهتمام بأمر الجهاد مع الكفار.
حيث إن في المسابقة والمرامات تمرينا للحرب وتهيئا إليها، ولولا هذه الناحية لم تفترق المسابقة والمرامات من سائر أنواع القمار الذي نهي عنه وضعا وتكليفا بالآيات المتظافرة والروايات المتواترة من طرقنا ومن طرق العامة، وقد تعرضنا لها ولحرمة القمار بأنواعه تفصيلا في الجزء الأول.