الظاهر هو الوجه الثالث، لما ذكرناه مرارا، من أن الثابت في ذمة الضامن بعد تلف العين إنما هو المثل وأنه باق فيها إلى حين الأداء، وعليه فيحكم فيما نحن فيه ببقاء المثل في الذمة إلى زمان سقوطه عن المالية، وحينئذ فينتقل الضمان إلى القيمة، لكون المثل - عندئذ - كالتالف في نظر أهل العرف، كما أن تلف العين يوجب انتقال الضمان منها إلى مثلها، وهذا واضح لا خفاء فيه.
فرع: ما هو حكم التمكن من المثل عند تعذره قوله (رحمه الله): فرع: لو دفع القيمة في المثل المتعذر ثم تمكن من المثل، فالظاهر عدم عود المثل في ذمته.
أقول: إذا طلب المالك حقه مع تعذر المثل في الخارج وجب على الضامن أداء قيمته - كما عرفته قريبا - فإن لم يؤد حتى وجد المثل وجب عليه أداء المثل، لما عرفته من عدم الانتقال إلى القيمة بالمطالبة، كما لا اشكال في أن المالك إذا رضي باسقاط حقه بأخذ القيمة لم يجب أداء المثل حتى مع التمكن منه من أول الأمر.
وإنما الاشكال فيما إذا طالب المالك بالقيمة من جهة الضرورة واللا بدية لأجل عدم التمكن من المثل ودفع الضامن القيمة ثم وجد المثل ولم يرض بها المالك، فهل يجب على الضامن اعطاء المثل ثانيا وارجاع القيمة أم لا يجب ذلك.
قد ذكر المصنف أنه إذا دفع الضامن القيمة بدلا عن المثل المتعذر ثم تمكن منه، فإن قلنا ببقاء المثل في الذمة وعدم انتقاله إلى القيمة إلا حين الأداء فلا وجه لعوده ثانيا، لأنه دين في الذمة فقد سقط بأداء عوضه مع التراضي فلا يجوز لصاحب الدين أن يرجع إلى الساقط ثانيا لأن الساقط