ثانيا: إن الرسول (صلى الله عليه وآله) وإن لم ينبه عمارا على التورية وأغفل تعليمه إياها، ولكنه من جهة عدم مشروعيتها في أمثال المقام، فإن إظهار الكفر ولو مع التورية محرم في نفسه، لأنه هتك لله سبحانه وتجاسر لعظمته، وكذلك التكلم بكلمة الفحش وأشباهها، ومن البديهي أنه لو جازت التورية في إظهار كلمة الكفر عند التقية لجازت مطلقا ولو في غير حال التقية.
ومن العجب أن المصنف ذكر أنه لو سلم اعتبار العجز عن التفصي بالتورية في موضوع الاكراه وحقيقته كان مقتضى عموم حديث الرفع وخصوص النصوص الواردة في طلاق المكره وعتاقه ومعاقد الاجماعات والشهرات المدعاة الحاق القادر بالعاجز حكما، إذ من البعيد جدا حمل جميع ذلك على صورة العجز عن التورية لجهل أو دهشة، بل لا يمكن الالتزام بهذا الحمل في بعضها من جهة المورد كما لا يخفي على من راجعها، ووجه العجب أنا لم نجد رواية تدل على الحاق غير المكره بالمكره حكما.
أما حديث الرفع وما ورد في طلاق المكره، فلم يذكر في هذه الروايات إلا مادة الكراهة وما يقتطف منها، ولا تعرض فيها لبيان موضوع الاكراه ولا لتنزيل غير المكره منزلة المكره حكما.
وأعجب من الكل دعواه الاجماع على التنزيل، مع أنا لم نر من ذلك في كلمات الفقهاء عينا ولا أثرا.
بحث في متعلق الاكراه قوله (رحمه الله): أما لو كانا عقدين أو ايقاعين، كما لو أكره على طلاق إحدى زوجتيه، فقد استشكل غير واحد.