ومن الواضح أنه لا يسوغ ترك المباح والاقدام على الحرام عند دوران الأمر بين الارتكاب أحدهما، إذ الحرام ليس بنفسه موردا للاضطرار ولا متعلقا للاكراه بل يمكن التفصي عنه بفعل المباح، وقد عرفت ذلك فيما سبق.
أما الجهة الثانية، فالظاهر أن يحكم ببطلان البيع مع الاقدام عليه لصدوره من المكره كرها لا من الرضاء وطيب النفس، فيشمله دليل رفع الاكراه.
وبعبارة أخرى أنه إذا أكره أحد إما على فعل الحرام أو على بيع داره مثلا وترتب الضرر على ترك المكره عليه - كان متعلق الاكراه هو البيع فقط، بداهة أن الاقدام على الحرام بنفسه ضرر مترتب على ترك البيع وإذن فيرتفع أثر ذلك البيع بحديث الرفع، وإلى هنا انتهى الكلام في الأفراد العرضية.
5 - إذا كان الاكراه بأحد الأمرين الطوليين أما الناحية الثانية - أي البحث في الأفراد الطولية - فهل يجري فيها جميع ما أسلفناه في الأفراد العرضية، أم كان حكم الاكراه والاضطرار هنا منحصرا بالفرد الأخير، أم يفصل بين المعاملات والمحرمات فيحكم بحرمة المبادرة إلى فعل المحرمات وبجواز الاقدام على المعاملات.
ذهب شيخنا الأستاذ إلى الأخير، وإليك نص مقرر بحثه:
والظاهر في هذه الصورة - أي في الاكراه على الأفراد الطولية - الفرق بين المحرمات والمعاملات، فلو كان مكرها أو مضطرا إلى شرب الخمر موسعا فلا يجوز له المبادرة إليه في أول الوقت، سواء احتمل التخلص