ولا ريب أنه لا مصداق لهذه الكبرى إلا باب الجنايات، وهذا المعنى هو الموافق للذوق الفقاهي.
ومما يدل على اختصاص تلك الروايات بباب الجنايات قوله (عليه السلام) في بعضها: عمد الصبيان خطأ تحمله العاقلة، إذ من المعلوم أن العاقلة لا تحمل سجدتي السهو ولا الكفارة في الحج وإنما تحمل الدية في الجنايات، وإذن فلا دلالة في شئ من تلك المطلقات أيضا على كون الصبي مسلوب العبارة.
بحث في ذيل رواية أبي البختري بقي الكلام في ذيل رواية أبي البختري، وهو قوله (عليه السلام): وقد رفع عنهما القلم، وقد استظهر المصنف (رحمه الله) من هذه الجملة دلالتها على كون الصبي مسلوب العبارة وكون عقده وايقاعه مع القصد كعقد الخاطي والغالط والهازل و ايقاعاتهم، وحاصل كلامه:
إن هذه القطعة من الرواية لا تتصل بسابقتها إلا بأخذها علة لثبوت الدية علي العاقلة، أو معلولا لقوله (عليه السلام): عمدهما خطأ، بمعنى أن علة رفع القلم عن الصبي والمجنون هو كون قصدهما بمنزلة عدم القصد في نظر الشارع، ومن البين أن اتخاذها علة لثبوت الدية على العاقلة أو معلولا لتنزيل عمد الصبي منزلة الخطأ لا يستقيم إلا بأن يراد من رفع القلم رفع المؤاخذة عن الصبي والمجنون، سواء أكانت المؤاخذة دنيوية أم كانت أخروية، وسواء تعلقت المؤاخذة الدنيوية بالنفس كالقصاص أم تعلقت بالمال كغرامة الدية.
وعليه فلا يؤخذ الصبيان والمجانين بأفعالهم وأقوالهم الصادرة حال الصبوة والجنون بعد البلوغ والإفاقة، سواء أكان صدور الأقوال