المجعول في الآية له تعين واقعي، إما بجميع الأزمنة، أو ببعضها (1).
ففيه: أن معنى عدم إمكان الإهمال ثبوتا، ليس لزوم لحاظ ما ليس موضوعا، ولا دخيلا فيه، في موضوع الحكم.
ففي المقام: إن موضوع وجوب الوفاء هو العقد، وبعد مقدمات الإطلاق، يكشف أن العقد تمام الموضوع، ولا دخل لشئ آخر فيه، فلو فرض إمكان إيجاد العقد في غير الزمان والمكان، كان الموضوع متحققا; لعدم دخالتهما في موضوع الحكم، فالعقد بعد وجوده، يجب الوفاء به أينما تحقق، وفي أي زمان كان.
لكن لا بمعنى دخالتهما في موضوع الحكم، ولا بمعنى لحاظهما حال الجعل، بل بمعنى أن العقد أينما وجد، يكون عقدا، فيجب الوفاء به.
ولو فرض قيام دليل على عدم وجوب الوفاء به في زمان، يكشف ذلك عن كون الموضوع هو العقد في غير هذا الزمان، فبعد ورود القيد، يكشف أن الموضوع - لبا - مقيد بغير الزمان الخارج، لا أن الإطلاق يقتضي ذلك، وللتفصيل محل آخر.
وأنت إذا تأملت فيما ذكر، تعرف أن كثيرا من المباحث التي وقعت في المطلق والمقيد، خارجة عن محط الكلام، وعما هو المطلوب في ذلك الباب، وأنه لا أصل للإطلاق البدلي والشمولي، ولا موضوع للبحث عن أن الدال على البدلية والشمول، لفظ موضوع لهما، كلفظة «أي» أو هيئة النكرة، فإن ما يفيده الإطلاق، أجنبي عن البدلي والشمولي.
فقوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (2) له دلالة لفظية على وجوب الوفاء بكل عقد بتعدد الدوال والمدلولات، وأما أن العقد تمام الموضوع لوجوب الوفاء،