وأما الثاني: فلأن الفسخ كما مر، عبارة عن حل العقد، وإرجاع ما تعلق به إلى محله الأول (1)، ومع فقد المتعلق، وعدم إمكان ملكيته، لا يعقل إعمال الخيار وتأثيره، ولو فرض بقاء العقد، وإرجاع غير ما تعلق به العقد، لم يكن هذا من مقتضيات الفسخ.
وقد يقال: إن العقد متعلق بالعين بشخصيتها، ونوعيتها، وماليتها، ومع تلف الأوليين تبقى الأخيرة (2)، فيكون متعلقه من هذه الجهة موجودا، فيندفع الإشكال الأول، والفسخ يتعلق بالعقد، وترجع به المالية، فيندفع الثاني.
وأنت خبير بما فيه; ضرورة أن متعلق العقد، هو نفس العين، دون المالية، وكون العين مالا، لا يقتضي أن يكون المتعلق ماليتها، وهو واضح.
ولو سلم ذلك، فلا ينحل به الإشكال; فإن المالية المعتبرة في المال، لا يعقل بقاؤها مع تلفه، فمع تلف العين تتلف جميع خصوصياتها واعتباراتها، إلا أن يلتزم بتعلق العقد بالمالية ولو لم تكن منسوبة ومعتبرة في العين، وهو واضح البطلان.
وقد يقال: إنه إذا قلنا بتعلق الخيار بالعقد، وأنه حق حله: إن العقد اللبي المعنوي الاعتباري، أمر قابل للبقاء والانحلال، والعقد - أي القرار المعاملي - وإن لم يكن مستقلا في التحصل، بل لا بد من تعلقه بالملكية ونحوها، إلا أن المقوم لهذا الأمر الاعتباري، هو الملكية العنوانية في أفق القرار المعاملي، لا الملكية الاعتبارية القائمة بمعتبرها، فزوال الملكية الحقيقية، لا يوجب انعدام الملكية العنوانية.