انصراف اطلاق اسم الامام إلى الامام المطلق الذي جعله الله للناس اماما كما هو الشايع في مورد استعمالاته بلا قرينة أو امام الجمعة الذي لم يكن في تلك الاعصار الا شخص خاص منصوب كما يفصح عن ذلك السؤال الواقع في موثقة ابن بكير المتقدمة وفي موثقة سماعة الواردة في العيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) متى يذبح قال إذا انصرف الامام قلت فإذا كنت في ارض ليس فيها امام فاصلي بهم جماعة فقال إذا استقلت الشمس ولا بأس ان تصلي وحدك ولا صلاة الا مع امام وغير ذلك من الروايات المشعرة بأن الامام كان في عرفهم يطلق على المعهود لا مطلق من يصلي جماعة من أن تعارف وجود المنصوب في تلك الاعصار يكفي في دعوى الانصراف وتوهم ان الأئمة المنصوبة في تلك الاعصار لم تكن منصوبة الا من قبل المخالفين فلا تصح حمل الأخبار على ارادتهم مدفوع بان المقصود بالاخبار بيان حكم الجمعة من حيث هي واما عدم صحة الصلاة معهم فيعرف من اشتراط العدالة وغيرها في الامام من دليل خارجي فمن جملة تلك الأخبار حسنة زرارة قال كان أبو جعفر (ع) يقول لا يكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الامام وأربعة وحسنة محمد بن مسلم قال سألته عن الجمعة فقال اذان وإقامة يخرج الامام بعد الأذان فيصعد المنبر الحديث وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ولا تجب على أقل من خمسة منهم الامام وقاضيه والمدعى حقا والمدعي عليه والشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الامام بل هذه الصحيحة كالنص في إرادة الوالي ولكن يتوجه على الاستدلال بمثل هذه الأخبار ان غاية ما يمكن ادعائه ان المراد بالامام فيها الشخص الخاص الذي منصبه الإمامة لا مطلق من يأم بالناس وانه يجب الاجتماع إليها معه لا مع غيره فلا تصح مع غيره ولكن هذا مع وجوده وقيامه بوظيفته من امامة الجمعة كما هو المفروض موردا لهذه الأخبار باعتراف المستدل وهذا مما لا نزاع فيه على الظاهر كما تقدمت الإشارة إليه مرارا وانما النزاع في أن وجوبها هل هو مشروط بوجود المنصوب فينتفي بانتفائه أو انه مطلق فيجب على سائر المكلفين اقامتها عند فقد المنصوب والاخبار أجنبية عن ذلك واما صحيحة محمد بن مسلم وكذا حسنة زرارة المتقدمتان فهما مسوقتان بحسب الظاهر لبيان العدد الذي ينعقد به الجمعة وان الامام واتباعه الذين يحضرون لديه لا لأجل الاجتماع للجمعة محسوبون من العدد وكيف كان فليس في هذين الخبرين أيضا اشعار بالاشتراط نعم احتمال إرادة المنصوب أو امام الأصل فضلا عن دعوى انصراف الأخبار إليه أو صراحتها فيه مانع عن الاستدلال باطلاقها لنفي الاشتراط كما توهمه الخصم وجعل مثل هذه الأخبار وكذا الروايات المتقدمة دليلا لمذهبه هذا مع أن اطلاقها وارد مورد حكم اخر لا يصح التمسك به لنفى شرطية النصب في الامام كما لا يخفى على المتأمل بل الانصاف ان بعض تلك الروايات المشتملة على لفظ الامام فيه بل دلالة على الاشتراط كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال صلاة الجمعة فريضة والاجماع إليها فريضة مع الامام فمن ترك ثلاث مع ترك ثلاث فرائض ولا يترك ثلاث فرائض من غير عذر ولا علة الا منافق إذ الغالب على الظن ان قوله والاجتماع إليها فريضة مع الامام لدفع ما يوهمه قوله صلاة الجمعة فريضة حيث إنه لم يعهد في عصرهم عقدها الا من المخالفين فكان يوهم هذا الكلام وجوب السعي إليها فدفعه بقوله والاجتماع إليها فريضة مع الامام لا مع اي شخص يكون كما يؤيد هذا المعنى ان زرارة على ما يستشعر من صحيحة التي سيأتي نقلها كان يزعم أن الجمعة لا تكون الا مع الامام وربما يستدل له أيضا ببعض الشواهد والمؤيدات العقلية كقبح ايجاب الشارع الحكيم على كافة الناس الاقتداء بواحد غير معين ويوكل تعيينه إلى ارادتهم مع أنه لا يكاد يتفق آراء الجميع على واحد مع ما في نفوس جلهم من الاباء من الاقتداء بمن يراه مثله أو دونه في الأهلية للإمامة ما لم يكن له ملزم شرعي مع مجبولية كل نفس بحب الرياسة لنفسه فليس مثل هذا الحكم الا تأسيس مادة الجدال والنزاع فيمتنع صدوره مع الشارع الا ان يجعل لتعيين من يقتدي به طريقا لا يبقى معه موقع للخصومة وليس ذلك الا نصب الوالي إذ لا يتعين في شخص خاص بدونه اجماعا ومعه يتعين فيه ضرورة وربما يستدل لها أيضا بغير ذلك من الشواهد والمؤيدات العقلية والنقلية التي لا حاجة إلى استقصائها حجة القول بالوجوب العيني الكتاب والسنة التي ادعوا تواترها وانها تبلغ مأتي حديث اما الكتاب فقوله تعالى " يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " وأجيب عنه بوجوه الأول منع شمول الخطاب للمعدومين الا بقاعدة المشاركة الغير الجارية في مثل المقام الثاني عدم ثبوت إرادة الصلاة من الذكر لاختلاف المفسرين فيه فقيل إن المراد به الخطبة وقيل الصلاة وقيل هما معا فعلى الأول لا يجب السعي إليها على الجميع اماما كما ادعاه بعض مضافا إلى ما قد يقال إن المراد بالذكر رسول الله صلى إليه عليه واله كما هو مذكور في اخبار أهل البيت عليهم السلام بل في كشف اللثام ان احتمال إرادة النبي صلى الله عليه وآله من ذكر الله اظهر من احتمال إرادة الصلاة ولا تصنع إلى ما يعدي من اجماع المفسرين على إرادة أحدهما خصوصا إذا كانت تعلم أنه لا اجماع الأقوال المعصوم الثالث ان المراد بالصلاة من يوم الجمعة ليس حسبها؟ ضرورة عدم وجوب السعي إلى مطلق الصلاة التي ينادي لها في يوم الجمعة فاللام؟ في الصلاة للعهد أريد بها الصلاة الخاصة المعهودة لديهم التي كان النبي صلى الله عليه وآله أو المنصوبون من قبله يقيمونها في عصر نزول الآية وينادي مناديهم للاجتماع إليها فلو شك في شرطية حضور المعصوم أو نائبه لشرعيتها أو لوجوب اقامتها عينا لا يصح التمسك بإطلاق الامر بالسعي المعلق على النداء إليها لنفي الاشتراط ولو سلم ان اللام للإشارة إلى جنس تلك الصلاة المعهودة اي جنس صلاة الجمعة لا إلى نوعها المتعارف واغمض عن سائر المناقشات التي تقدمت الإشارة إليها فالآية تدل على وجوب السعي إليها على تقدير انعقادها في البلد لا على وجوب أصل الانعقاد فلا مانع من أن لا يكون عقدها واجبا عينا ولكن يجب السعي إليها بعد الانعقاد بل ربما نسب إلى بعض الالتزام بذلك كما ستعرف فالآية جنبية عن المدعي واستدل له أيضا بقوله تعالى " وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وقوله تعالى " يا أيها الذين امنوا لا تلهكم
(٤٣٩)