بحسب الظاهر جار مجرى التمثيل لم يقصد به الوجوب كما يفصح عن ذلك الموثقة المتقدمة وغيرها مما ستعرف وخبر عبد الله بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن الرجل يكون في الصلاة فيسلم عليه الرجل هل يصلح له ان يرد قال يقول السلام عليك فيشير إليه بإصبعه وما في هذه الرواية وسابقتها من الامر بالإشارة بالإصبع لعلة للاستغناء بها عن التوجه والاقبال المحتاج إليه عادة في المخاطبة المنافي للهيئة المرغوبة في الصلاة وكيف كان فالامر به ندبي إذ لا يمكن الالتزام بوجوبه بعد وضوح عدم توقف الرد الواجب عليه واستبعاد كونه واجبا نفسيا مستقلا لا مدخليته له في الرد مع خلو ساير الروايات الواردة في مقام البيان عنه وعدم نقل القول به عن أحد مع ما فيه من احتمال التقية كما سنشير إليه وعن الصدوق مرسلا قال قال أبو جعفر (ع) سلم عمار على رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة فرد عليه ثم قال أبو جعفر (ع) السلام اسم من أسماء الله عز وجل وعن الشهيد في الذكرى قال وروى البزنطي عن الباقر (ع) قال إذا دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم وإذا سلم عليك فاردد فاني افعله وان عمار بن ياسر مر على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي فقال السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله وبركاته فرد عليه السلام وصحيحة محمد بن سلم قال دخلت علي أبي جعفر (ع) وهو في الصلاة فقلت السلام عليك فقال السلام عليك فقلت كيف أصحبت فسكت فلما انصرف قلت أيرد السلام وهو في الصلاة فقال نعم مثل ما قيل له وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم عليك الرجل وأنت تصلي قال ترد عليه خفيا كما قال وظاهر الخبرين الأخيرين وجوب الرد بمثل ما قال المسلم والمتبادر من اطلاق المثل المماثلة التامة حتى في الافراد والجمع والتعريف والتنكير و نحوها وقد التزم غير واحد بذلك اخذ بظاهر الخبرين وقد اختاره في الحدائق ونسبه إلى المشهور الا انه قيد السلام الذي يجب رده بما إذا وقع السلام بإحدى الصيغ الأربع الواردة في الأخبار يعني سلام عليكم وعليك والسلام عليكم وعليك فلم يوجب رد السلام الذي ليس بإحدى هذه الصيغ لا في الصلاة ولا في غيرها وقد عرفت ضعفه فيما سبق وان العبرة في وجوب الرد بتحقق موضوع السلام عرفا ولو بصيغة عليك السلام أو سلام أو سلاما ونحوها فمقتضى القول باعتبار المماثلة التامة الالتزام به (مط) حتى في حذف الخبر وذكره والحاق ورحمة الله وبركاته وعدمه وهذا وان كان قد يتراءى من العبائر المنسوبة إلى المشهور ولكن المتأمل فيها يرى أن عبائر كثير منهم بمعزل عن ذلك وان الصيغ الأربع المتعارفة في السلام بأسرها لديهم متماثلة وان غرضهم بذلك الاحتراز عن أن يقول وعليك السلام كما ورد النهي عنه في الموثقة المزبورة وكيف كان فالاخبار المزبورة بظاهرها متنافية حيث إن ظاهر الخبرين الأخيرين اعتبار المماثلة (مط) وظاهر بعض الأخبار المتقدمة جواز رد السلام في الصلاة (مط) من غير اشتراطه بشئ كرواية البزنطي المروية عن الذكرى وبعضها كالموثقة ظاهر في وجوب الرد بصيغة سلام عليكم دون وعليكم السلام وبعضها كالصحيحة الأولى وخبر علي بن جعفر ظاهر في الرد بصيغة السلام عليك ولكنك عرفت ان مقتضى الجمع بين هذه الروايات الثلث حمل الصيغتين الواردتين فيهما على التمثيل كما يشهد بذلك سوقهما فالمقصود بالجميع ايجاب الرد بصيغة السلام احترازا عن تقديم الظرف المتعارف في الجواب فلا معارضة بينها كما أنه لا معارضة بين شئ من الأخبار (المقيدة وبين بخير البزنطي الظاهر في كفاية مطلق الرد بمقتضى اطلاقه ضرورة حكومة الأخبار) المقيدة الواردة في كيفية الرد على هذا الاطلاق مع امكان الخدشة في أصل اطلاقه بوروده مورد حكم اخر فينحصر التنافي بين الخبرين الأخيرين الذين ظاهرهما اعتبار المماثلة التامة وبين غيرهما مما دل على اعتبار كونه بصيغة السلام ويمكن الجمع بينهما اما بارتكاب التأويل في الخبرين و تنزيلهما على الغالب من وقوع السلام بالصيغ الأربع المتعارفة التي يقدم فيها السلام وحمل المثل على إرادة المماثلة من هذه الجهة اي من حيث كونه بعبارة السلام لا الجواب أو مثله على ظاهره من إرادة مثله في اللفظ ولكن لا لأجل ان المماثلة في اللفظ من حيث هي معتبرة في الرد بل لأجل ان مثله يقع في الغالب بصيغة السلام واما بارتكاب التأويل في تلك الأخبار بحملها على الإرادة الرد بالمثل وتنزيل اطلاقها على ما لو وقع السلام بخصوص الصيغة الواردة فيها والنهي عن تقديم الظرف في الموثقة لمخالفته في الغالب للصيغة التي وقع السلام بها ولكن يبعد هذا التوجيه انه لو كانت المخالفة بينه وبين السلام مناطا للنهي لم يكن وجه لتخصيص وعليكم السلام بالذكر إذ المخالفة كما تحصل بالتقديم والتأخير كذلك تحصل بالتعريف والتنكير والافراد والجمع هذا مع أن تنزيل اطلاق كل من هذه الأخبار على ارادته في فرد خاص وهو ما لو وقع السلام باللفظ المماثل الواردة فيها لا يخلو من بعد نعم لو كانت الصيغة الواردة فيها خصوص سلام عليكم لا مكن دعوى ورودها مورد الغالب من وقوع السلام بهذه الصيغة فلا ينافي اعتبار المماثلة ولكن تعددها مانعه عن أن يصغى إلى هذه الدعوى كما لا يخفي هذا مع أن ظاهر قوله (ع) في ذيل الموثقة فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله هكذا انه صلى الله عليه وآله رد سلم عمار بصياغة سلام عليكم مع أن سلم عمار على ما وقع التصريح به في رواية البزنطي الآتية كان بصيغة السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته والظاهر اتحاد هذه الواقعة بهذا يكشف عن عدم اعتبار المماثلة في اللفظ فتلخص مما ذكر ان ارتكاب التأويل في الخبرين بحملهما على ما لا ينافي غيرهما أولى من عكسه وأوفق بمراد المشهور على ما يقتضيه التدبر في كلماتهم هذا مع امكان ان يكون المقصود بمثل ما قيل له أو كما قال الوارد في الخبرين التعريض على العامة القائلين بأنه يجب ان يكون الرد في الصلاة بالإشارة لا بالنطق كما حكاه عنهم في محكي الانتصار قال ومما ظن انفراد الإمامية رد السلام في الصلاة بالكلام وقد وافق في ذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري الا ان الشيعة تقول يجب ان يقول المصلى في رد السلام مثل ما قاله المسلم سلام عليكم ولا يقول وعليكم السلام وذهب الشافعي إلى أن المصلي يرد السلام بالإشارة دون الكلام وقال أبو حنيفة وأصحابه ان رد السلام بكلام فسدت صلاته بالإشارة أساء وقال الثوري لا يرد السلام حتى يفرغ من الصلاة والحجة لنا اجماع الطائفة انتهى فكأنه عليه السلام قال كما وقع السلام بالنطق وجب ان يكون رده كذلك وكيف كان فالأقوى جواز رد السلام في الصلاة بصيغة سلام عليكم وسلام عليك والسلام عليكم وعليك وعدم جواز وعليكم السلام مطلقا وان وقعت التحية ابتداء بهذه الصيغة على تردد فيه ينشأ من امكان دعوى انصراف الرواية الناهية عنه عن مثل
(٤٢٥)