وقتا لنافلة الظهر وهو القدمان جعل في يوم الجمعة وقتا لفريضتها كما فهمه المجلسيان وذهبا إليه على ما حكى عنهما والاعتراض عليهما بان الأخبار لا تدل الا على وقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر من ساير الأيام وهو بعد ان يمضي ذراع واما ان وقت فريضة الظهر يمتد إلى هذا الوقت فلا منشأته في عطاء النظر حقه من اخبار المواقيت فإنه وقع في جملة منها لتصريح بأنه إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين الا ان هذه قبل هذه فهذا هو وقتهما في أصل الشرع ولكن اخر وقت الظهر وكذا العصر عن أول الوقت رعاية للصلوات التي ينبغي أو يجب الاتيان بها قبلهما وحيث يستحب الجمع بين الفرضين يوم الجمعة متى فرع من الظهر جمعة كانت أو ظهرا دخل وقت العصر ولا يستحب له التأخير إلى الذراع بل المبادرة إلى فعلها أفضل كما أنه في سائر الأيام متى فرغ من النافلة استحب له المبادرة إلى فعل الفريضة وان لم يبلغ نصف قدم فضلا عن قدمين كما وقع التصريح به في الأخبار فما في هذه الأخبار من تحديد وقت العصر بوقت الظهر في سائر الأيام للإشارة إلى أن ما قبل هذا الوقت كما جعل في سائر الأيام وقتا للنافلة كذلك جعل في يوم الجمعة وقت لفريضتها ولكن لا يخفي على من تدبر في اخبار المواقيت ان تحديد وقت النافلة بقدمين أو بذراع تحديد تقريبي لا ينافي ذلك تقديره بساعة فمن هنا يظهر انه لا معارضة بين الخبرين الأخيرين وبين غيرهما من الروايات المزبورة الدالة بظاهرها على أن وقتها مضيق وان وقت العصر من يوم الجمعة وقت الظهر من سائر الأيام بل هما بمنزلة المبين لما في تلك الأخبار من الاجمال فينبغي (ح) اختيار القول المحكي عن الجعفي من أن وقتها ساعة من الزوال السلامة مستنده عن المعارض ولكن سوق الخبرين اللذين هما مستند هذا القول مشعر بل ظاهر بواسطة ما فيهما من التعليل في أن المراد بوقتها المحدود بالساعة هو وقتها الذي ينبغي فعلها فيه لا وقتها المطلق الذي تقوت بفواته الصلاة بل يمكن استفادة هذا المعنى من بعض تلك الأخبار من حيث هو مثل خبر محمد بن أبي عمير إذا الظاهر أن المراد بصلاة يوم الجمعة في تلك الرواية هي فريضة الظهر لا خصوص الجمعة فان غرض السائل من قوله إذا زالت صليت الركعتين ثم صليتها بحسب الظاهر لم يكن الا صلاة التي كان يصليها مفردا أو في جماعة كما أن مراد الإمام عليه السلام بقوله بدأت بالمكتوبة لم يكن على الظاهر الا الظهر لا الجمعة التي لم يكن في تلك الاعصار يصليها الامام ولا شيعته الا خلف المخالف تقية ولم يكونوا يبالون (ح) بين صدورها قبل الوقت أو بعده لأنها بالنسبة إليهم لم تكن الا صورة ونحو هذه الرواية في الدلالة على تضيق وقت صلاة الجمعة مع كون المراد بها المعنى الأعم قوله (ع) في مرسلة الصدوق المتقدمة وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول ووقتها في السفر والحضر واحد وهو من المضيق الحديث ورواية إسماعيل بن عبد الخالق المروية عن مصباح الشيخ قال سألت أبا عبد الله (ع) عن وقت الصلاة فجعل لكل صلاة وقتين الا الجمعة في السفر والحضر فإنه قال وقتها إذا زالت الشمس وهي فما سوى الجمعة لكل صلاة وقتان وقال وإياك ان تصلي قبل الزوال فوالله ما أبالي بعد العصر صليتها أو قبل الزوال إذ الجمعة في السفر لا تكون الا ظهرا فهذا يكشف عن أن المقصود بالجمعة في مثل هذه الأخبار هي صلاة الظهر من يومها جمعة كانت أم ظهرا وهذا اطلاق شائع في الأخبار بحيث يشكل دعوى انصراف اسهما إلى خصوص صلاة الجمعة بالمعنى الأخص فمن الجائز ان يكون المراد بالجمعة في سائر الأخبار المتقدمة الدالة على ضيق وقتها هو هذا المعنى الذي أريد منها في هذا الاخبار وهو تأكد استحباب المبادرة إليها وكون تأخيرها عن أول الوقت كالاتيان بها بعد خروج وقتها نظير الروايات المستفيضة الواردة في صلاة المغرب الحاصرة وقتها بأول الوقت وانه ينقضي وقتها بذهاب الشفق وان وقتها مضيق فالانصاف ان استفادة ضيق وقت صلاة الجمعة من الأخبار المزبورة بحيث تفوت وقتها بالتأخير عن أول الوقت مع أن المراد ببعضها لولا جميعها أعم من الظهر التي هي ليست كذلك جزما مشكلة خصوصا بعد الالتفات إلى الروايات التي تقدم بعضها الدالة على أنها هي فريضة الظهر التي يصليها المكلفون فرادى أو جماعة أربعا إذا لم يجدوا من بخطب بهم والا فركعتان مع أنه لو كان شرعيتها مخصوصة بأول الوقت لوجب التنبيه عليه في الروايات التي ورد فيها الامر بفعلها ظهرا ان لم يجدوا من يخطب بهم أولم يجتمع العدد الذي ينعقد به الجمعة والا فالجمعة مع أنه ليس في شئ منها اشعار بذلك ولذا لم يفهم الشهيد وبعض من تأخر عنه من هذه الأخبار خصوصية لصلاة الجمعة من حيث الوقت فالتزموا بامتداد وقتها بامتداد الظهر وهو لا يخلو من وجه ولكن يبعده عدم معهوديته في الشريعة فلو جاز فعلها في اخر الوقت لا تفق حصوله أو التصريح بجوازه من النبي وأوصيائه عليه وعليهم السلام ولو عند قدومهم من الاسفار أو حدوث بعض الاعذار أو الأمراض المانعة للامام عن حضور في أول الوقت ولو اتفق لنقل فهذا يكشف عن عدم مشروعية التأخير فالأحوط ان لم يكن أقوى على القول بالتخيير في زمان الغيبة هو اختيار الظهر بعدم مضي ساعتين أول الوقت وعلى القول بوجوبها عينا عدم تأخيرها عن أول الوقت ولو اتفق حصول شرائطها من الحضور والعدد ونحوهما بعده فالجمع بينها وبين الظهر والله العالم ثم إنه قد ظهر مما مر مستند جميع الأقوال المنقولة في المسألة عدى ما نسب إلى الأكثر من امتداد وقتها إلى أن يصير ظل كل شئ مثله كما في المتن وغيره وهذا مما لم نقف على ما يدل عليه صريحا بل ولا ظهور فلعلهم استنبطوها من النصوص المزبورة الدالة على أنه ليس لها الا وقت واحد حين تزول الشمس نظرا إلى انها كادت تكون صريحة في أن وقت الجمعة أضيق من وقت الظهر من سائر الأيام وان الوقت الاخر المجعول للظهر وهو بعد صيرورة الظل مثلا غير مجعول للجمعة فيدور الامر (ح) بين ان يكون المراد بالوقت الواحد المجعول لها هو أول الوقت الذي يتنجز التكليف بفعلها اي عند زوال الشمس أو يكون المراد به الوقت الأول من وقتي صلاة الظهر والذي هو من حين ما تزول الشمس إلى أن يصير ظل كل شئ مثله على المشهود فاتصاف وقتها بالضيق على هذا التقدير بلحاظ انحصاره في أحد الوقتين لا الضيق الحقيقي والمعنى الأول وان كان أوفق بظهور تلك النصوص ولكن مقتضاه إرادة الضيق الحقيقي الذي ينافيه سماحة الشرعية وسهولتها وكون تكليف عامة أهل البلد أدائها مع عدم تنجيز التكليف بالسعي إليها الا بعد تحقق النداء الذي كنى به عن الزوال حيث قال الله
(٤٣١)