وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام واي صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة إلى أن قال وقال أبو جعفر عليه السلام ينبغي ان يكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون قدر مسقط جسد الانسان إذا سجد قال وقال أيما امرأة صلت خلف امام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة قال قلت فان جاء انسان يريد ان يصلي كيف يصنع وهي إلى جانب الرجل قال يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا وأجيب عنه باجمال الموصول في قوله عليه السلام ما لا يتخطى وتردده بين البعد الذي لا يتخطى وبين العلو الذي لا يتخطى أو الحائل الذي لا يتخطى فلا يتم الاستدلال وفيه ما عرفته في مسألة الحائل من أن الأظهر في معنى الخبر انما هو إرادة المعنى الأول الذي عليه يبتني الاستدلال مع أن ما وقع التعرض له في ذيل الخبر يجعله كالنص في ذلك بل ما ورد في حكم المرأة كاد يكون صريحا في ذلك فهو بنفسه حجة كافية لاثبات المدعى وأجيب أيضا بان المتجه حمل النفي في قوله عليه السلام ليس لهم بإمام أو تلك لهم بصلاة على نفي الكمال جمعا بينه وبين قوله ينبغي أن تكون الصفوف تامة إلى اخره فان هذه الكلمة ظاهرة في الاستحباب بل لا شبهة في ارادته بالنسبة إلى كون الصفوف تامة الذي اتبع بسائر الفقرات فإرادة الوجوب حينئذ من قوله لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى لا يخلو من بعد ولا يصلح لمكافئة هذا الظاهر ظهور النفي في ليس تلك لهم بصلاة في نفي الصحة لشيوع إرادة نفي الكمال من مثل ذلك التركيب في محاورات الأئمة عليهم السلام وفيه بعد تسليم المقدمات ان مقتضى وحدة السياق انه لم يرد من قوله عليه السلام ليس تلك لهم بصلاة في الفقرة المزبورة الا ما أريد منه في الفقرة المذكورة بعدها في حكم الحائل وقد عرفت في تلك المسألة انه في هذه الفقرة محمول على نفي الصحة فيشكل حينئذ التفكيك فليتأمل والذي يقتضيه الانصاف ان كلمة ينبغي وان كان لها ظهور قوي عرفا في الاستحباب بحيث لم نستبعد ادعاء كونه أقوى من ظهور النفي في نفي الصحة ولكن هذا فيما إذا تعلق الحكم بخصوص ما وقع في حيز النفي والا فهي في حد ذاتها كلمة جامعة يحسن التعبير عند بيان احكام متعددة مختلفة بالوجوب والاستحباب فليس لها بالنسبة إلى كل واحد من القضايا المتتابعة الواقعة في حيزها خصوصا بالنسبة إلى ما عدى أوليها ظهور يعتد به في نفي الوجوب فضلا عن صلاحيتها لصرف النفي عن ظاهره خصوصا مع اعتضاده بإرادة نفي الصحة من الفقرة الواردة في الحائل ولكن إرادة الوجوب من تحديد البعد فيما بين الصفين بما لا يتخطى في حد ذاته بعيد بل ينبغي القطع بعدمه ان أريد ذلك بالنسبة إلى موقف الصفين كما هو قضية اطلاق النص خصوصا بملاحظة ما وقع في ذيله من قوله عليه السلام يكون ذلك قدر مسقط جسد الانسان إذا سجد إذ الظاهر كونه بيانا لما لا يتخطى فان مقتضاه اعتبار شدة التواصل بين الصفوف بحيث يتصل رأس المتأخر عند سجوده بعقب المتقدم وهذا مما لا يمكن الالتزام بوجوبه وان التزم به صاحب الحدائق وطعن على الأصحاب بمخالفتهم للنص من غير معارض لوضوح مخالفته للسيرة الجارية بين المسلمين من في لتزامهم بهذا النحو من التواصل في صفوف الجماعة فكأنه إلى هذا نظر المصنف رحمه الله في محكى المعتبر حيث أجاب عن الصحيحة بان اشتراط ذلك مستبعد فتحمل على الأفضل أقول وربما يؤيده أيضا ما في الصحيحة من الاستثناء بقوله الا من كان حيال الباب فان الواقف حيال الباب مقابل الامام أو المأمومين يكون بينه وبينهم ما لا يتخطى في العادة اللهم الا ان يخصص الباب بباب المقصورة ونحوها مما لا يمنع عن وقوف المأموم خلف الامام أو الصف المتقدم عليه متصلا بهم وليس للرواية اطلاق من هذه الجهة كي ينافيه ذلك لورود اطلاقها مورد حكم اخر وهو بيان فقد المانع في حيال الباب من جهة المشاهدة فليتأمل وقد يشهد له أيضا موثقة عمار المتقدمة في مسألة الحائل المصرحة بأنه يجوز للنساء ان يصلين خلف الامام في دار بينهن وبينه حائط أو طريق فإنه يستلزم الفصل بما لا يتخطى جزما حتى لو اعتبرناه بالنسبة إلى مسجدها وموقف الصف المتقدم إذ الغالب حصول الفصل في مثل الفرض بأكثر من ذلك فلا يصح تنزيل اطلاق الجواب على إرادة ما إذا لم يكن بينها وبينه ما لا يتخطى مع ما فيه من ترك الاستفصال ولا يصح الالتزام باختصاص هذا الحكم بالمرأة كما في الحائل إذ لا قائل بالفصل بينها وبين الرجل في مسألة البعد مع أن الصحيحة المزبورة الدالة على هذا الحد صريحة في ارادته بالنسبة إلى المرأة أيضا لما في ذيلها من التصريح بقوله عليه السلام وانما امرأة صلت بصلاة بإمام إلى اخره فلابد اما من طرح الموثقة أو حمل الصحيحة على الاستصحاب وما يقال من أن ارتكاب التقييد في الموثقة أولى من حمل الفقرات الثلاث الواردة في الصحيحة على الاستحباب ففيه ما تقدمت الإشارة إليه من اباء الموثقة عن هذا النحو من التقييد ولا أقل من كونه ابعد من حمل تلك الفقرات على الاستحباب خصوصا مع اعتضاد هذا الحمل بالشهرة وغيرها من القرائن الداخلية والخارجية التي تقدمت الإشارة إليها مع أن ارتكاب التقييد في الموثقة لو جوزناه فهو فيما لو اعتبر التحديد المزبور بالنسبة إلى مسجد المتأخر وموقف المتقدم وهو خلاف ظاهر الصحيحة كما تقدمت الإشارة إليه وما قيل من أن المراد بالصف صف المصلين بوصف كونهم مصلين فالمانع هو ان يكون ما لا يتخطى بينهم في جميع أحوال صلاتهم حتى حال السجود كما أن المراد بالساتر بينهم الساتر في جميع أحوال الصلاة على ما اعترفوا به فالمراد البعد ما بين مسجد الصف المتأخر وموقف المتقدم ففيه ان المتبادر من قوله ان صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى وكذا المتبادر من قوله واي صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى انما هو إرادة المسافة الواقعة بينهم وبين الامام أو الصف المتقدم ما داموا مصلين اي في جميع أحوال صلاتهم التي أظهرها حال الوقوف الذي قد لا يلتفت الذهن عند ملاحظة النسبة بين الصفين الا إليه كما في قوله عليه السلام في ذيل الراوية لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى يكون ذلك قدر مسقط جسد الانسان واما الساتر فإنما اعتبرنا في مانعيته الستر في جميع الأحوال
(٦٣٥)