ولنا أنه إذا أدى الزكاة إلى مستحقها فلم يمنع الاجزاء تغير حاله كما لو استغنى بها ولأنه حق أداه إلى مستحقه فبرئ منه كالدين يتعجله قبل أجله، وما ذكروه منتقض بما إذا استغنى بها، والحكم في الأصل ممنوع ثم الفرق بينهما ظاهر، فإن المال إذا تلف تبين عدم الوجوب فأشبه ما لو أدى إلى غريمه دراهم يظنها عليه فتبين أنها ليست عليه، وكما لو أدى الضامن الدين فبان أن المضمون عنه قد قضاه وفى مسئلتنا الحق واجب وقد أخذه مستحقه (القسم الثالث) أن يتغير حال رب المال قبل الحول بموته أو ردته، أو تلف النصاب، أو نقصه، أو بيعه، فقال أبو بكر: لا يرجع بها على الفقير سواء أعلمه أنها زكاة معجلة أو لم يعلمه. وقال القاضي: وهو المذهب عندي لأنها وصلت إلى الفقير فلم يكن له ارتجاعها كما لو لم يعلمه، ولأنها زكاة دفعت إلى مستحقا فلم يجز استرجاعها كما لو تغير حال الفقير وحده. قال أبو عبد الله ابن حامد: إن كان الدافع لها الساعي استرجعها بكل حال، وإن كان الدافع رب المال وأعلمه أنها زكاة معجلة رجع بها، وإن أطلق لم يرجع بها، وهذا مذهب الشافعي لأنه مال دفعه عما يستحقه القابض في الثاني، فإذا طرأ ما يمنع الاستحقاق وجب رده كالأجرة إذا انهدمت الدار قبل السكنى، أما إذا لم يعلمه فيحتمل أن يكون تطوعا، ويحتمل أن يكون هبة فلم يقبل قوله في الرجوع، فعلى قول ابن حامد إن كانت العين باقية لم تتغير أخذها، وإن زادت زيادة متصلة أخذها بزيادتها لأنها تمنع في الفسوخ، وإن كانت منفصلة أخذها دون زيادتها لأنها حديث في ملك الفقير، وإن كانت ناقصة رجع على الفقير بالنقص لأن الفقير قد ملكها بالنقص فكان نقصها عليه كالبيع إذا نقص في يد المشترى ثم علم عيبه، وإن كانت تالفة أخذ قيمتها يوم القبض لأن ما زاد بعد ذلك أو نقص فإنما هو في ملك الفقير فلم يضمنه كالصداق يتلف في يد المرأة (القسم الرابع) أن يتغير حالها جميعا فحكمه حكم القسم الذي قبله سواء (فصل) إذا قال رب المال: قد أعلمته أنها زكاة معجلة فلي الرجوع فأنكر الاخذ فالقول قول الآخذ لأنه منكر والأصل عدم الاعلام وعليه اليمين، وإن مات الآخذ واختلف المخرج ووارث الآخذ فالقول قول الوارث، ويخلف أنه لا يعلم أن مورثه أعلم بذلك، فأما من قال بعدم الاسترجاع فلا يمين ولا غيرها (فصل) إذا تسلف الإمام الزكاة فهلكت في يده ضمان عليه وكانت من ضمان الفقراء
(٥٠٤)