ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره وكان في حجة الوداع بعرفة يوم جمعة فصلى الظهر والعصر جمع بينهما ولم يصل جمعة، والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم كانوا يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره، وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وقد قال إبراهيم كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك وبسجستان السنين لا يجمعون ولا يشرقون، وعن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال أقمت معه سنين بكابل يقصر الصلاة ولا يجمع رواهما سعيد، وأقام أنس بنيسابور سنة أو سنتين فكان لا يجمع ذكره ابن المنذر وهذا إجماع مع السنة الثابتة فيه فلا يسوغ مخالفته (فصل) فأما العبد ففيه روايتان إحداهما لا تجب عليه الجمعة وهو قول من سمينا في حق المسافر والثانية تجب عليه ولا يذهب من غير إذن سيده نقلها المروزي واختارها أبو بكر وبذلك قالت طائفة إلا أن له تركها إذا منعه السيد، واحتجوا بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) ولان الجماعة تجب عليه والجمعة آكد منها فتكون أولى بالوجوب وحكي عن الحسن وقتادة انها تجب على العبد الذي يؤدي الضريبة لأن حقه عليه قد تحول إلى المال فأشبه من عليه الدين ولنا ما روى طارق بن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض) رواه أبو داود وقال: طارق رأي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه وهو من أصحابه، وعن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريضا أو مسافرا أو امرأة أو صبيا أو مملوكا) رواه الدارقطني. وعن تميم الداري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الجمعة واجبة إلا على خمسة امرأة أو صبي أو مريض أو مسافر أو عبد) رواه رجاء بن مروجاء الغفاري
(١٩٤)