وثالثا: إن اقباض عروة المبيع وقبضه للثمن مع تقرير النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك لا يدل إلا على رضاه (صلى الله عليه وآله) بهما فقط لا على رضاه (صلى الله عليه وآله) بأصل البيع أيضا، ضرورة أنه لا ملازمة بين جواز القبض والاقباض وبين صحة البيع، إذ قد يكون البيع صحيحا ولا يجوز القبض والاقباض كبيع الوكيل الذي هو وكيل في أصل المعاملة فقط، وقد يجوز القبض والاقباض مع فساد المعاملة كما إذا كان أحد مأذونا فيهما من قبل المالك لا في أصل المعاملة، وإذن فرضاء النبي (صلى الله عليه وآله) بالقبض والاقباض لا يدل على صحة ما أنشأه عروة من البيع.
ثم إن المصنف قد استظهر خروج الفرض المتقدم عن الفضولية وعد توقفه على الإجازة اللاحقة من كلمات الفقهاء (رحمهم الله)، كقولهم في مقام الاستدلال على الصحة أن الشرائط كلها حاصلة إلا رضاء المالك، وقولهم: إن الإجازة لا يكفي فيها السكوت لأنه أعم من الرضاء، وإلى غير ذلك من كلماتهم.
ويتوجه عليه:
أولا: إنه لا حجية في كلماتهم، فإن رأي فقيه لا يكون حجة على فقيه آخر.
وثانيا: إنه لا ظهور في كلماتهم فيما يرومه المستدل، لأن المراد من الرضاء المذكور في كلماتهم هو الاختيار الذي هو في مقابلة الكراهة والاضطرار، حيث إنهم ذكروها في بيع المكره وقالوا إن من شرائط المتعاقدين الاختيار وليس المراد منه طيب النفس، وعليه فلا ربط لها بما نحن فيه، ولا أقل من الاحتمال فتكون كلماتهم مجملة.
ثم قال: لو سلم كونه فضوليا لكن ليس كل فضولي يتوقف لزومه على الإجازة، لأنه لا دليل على توقفه مطلقا على الإجازة اللاحقة.