لم يكن إذن وتوكيل من المالك، والوجه في ذلك أن العقد الصادر من الفضولي لا يكون مشمولا لقوله تعالى: أوفوا بالعقود (1)، بديهة أن العقد لا يكون مشمولا لتلك الآية إلا باستناده إلى المالك، لأن مقارنة الجمع بالجمع في الآية الكريمة يقتضي أن كل مكلف يجب عليه الوفاء بعقده، أي أوفوا بعقودكم لا ما عقدتهم.
ومن الواضح أن العقد لا يكون عقدا للمالك إلا بالاستناد إليه، إما بالمباشرة كما إذا أوجده بنفسه أو بالتسبيب كما إذا أوجده وكيله بالإضافة إليه كما إذا رضي بالعقد الفضولي مع إظهاره ذلك بمظهر خارجي، ومن الظاهر أن مجرد الرضاء الباطني بالعقد الصادر من الفضولي أجنبي عن ذلك كله.
وعلى الثاني فيكفي في صحة العقد مطلق الرضاء، وإن كان باطنيا وغير منكشف بكاشف، وذلك كالأمثلة التالية:
1 - أنه إذا باع الراهن العين المرهونة، فإن اعتبار إجازة المرتهن في البيع المزبور ليس من ناحية لزوم استناد العقد إليه، بل من ناحية أن العين وثيقة عنده، فلا يجوز للراهن أن يتصرف فيها بدون إذن المرتهن، فإذا رضي به المرتهن ولو باطنا صح البيع.
وبعبارة أخرى أن المناط في صحة العقد هو كونه مشمول للاطلاقات والعمومات الدالة على صحة العقود ولزومها، ومن الظاهر أن المناط المزبور موجود في بيع الراهن، غاية الأمر أن التصرف في العين المرهونة موقوف برضاء المرتهن، فإذا رضي بذلك لم يكن هناك مانع عن التصرف أيضا.