وعلى الأول فإن قلنا بأن حدوث النماء مملك للنماء فقط لا لأصله فهو بعيد، إذ لا وجه للتفكيك في ذلك بين النماء وأصله، خصوصا في النماء المتصل، على أنه لم يعهد من مذاق الشارع المقدس أن يكون حدوث النماء في العين من جملة الأسباب لتملك النماء، وإن قلنا بأن حدوث النماء مملك لنفسه ولأصله معا أو قلنا بأنه مملك لأصله بالأصالة ولنفسه بالتبعية، فهو غريب، فإن ذلك مناف لظاهر أكثر الفقهاء القائلين بعدم حصول الملكية في المأخوذ بالمعاطاة من دون التصرف فيه المتوقف على الملك.
وعلى الثاني - وهو أن يكون التصرف في النماء مستندا إلى إذن المالك - فشمول الإذن في التصرف في النماء أمر خفي لا يمكن الالتزام به، بديهة أن المالك الأصلي لم يأذن للمباح له إلا في التصرف في نفس المأخوذ بالمعاطاة لا في متفرعاته الحاصلة بعد التعاطي - انتهى حاصل ما أفاده بعض الأساطين.
وقد أجاب عنه المصنف (رحمه الله) بوجهين:
الوجه الأول: أن حكم النماء - الحاصل من المأخوذ بالمعاطاة - حكم أصله، فكما أن الأصل ليس ملكا للآخذ كذلك النماء، نعم يجوز للمباح له أن يتصرف في النماء، كما كان له أن يتصرف في أصله.
الوجه الثاني: أنه يمكن أن يكون النماء حادثا في ملك المباح له بمجرد إباحة أصله، بأن يكون إباحة الأصل موضوعا لحكم الشارع بملكية النماء - انتهى ملخص كلامه في الوجهين.
ولكن يتوجه على الأول أن المالك الأصلي إذا فرض أنه لم يأذن للمباح له إلا في التصرف في المأخوذ بالمعاطاة كان تصرف المباح له في النماء تصرفا في مال غيره بدون إذنه، فهو حرام عقلا وشرعا.