إليها فيما سبق (1) - لا يثبت إلا نفي لزوم العقد، فلا يقتضي إطلاقه إلا عدم لزومه حتى مع تلف العين حكما أو حقيقة، وأين ذلك من إثبات القدرة الفعلية كما توهم (2)؟! فتأمل.
ولو سلم إطلاق دليله، وثبوت الخيار به مطلقا، فالتحقيق أن يقال فيه وفي الخيارات التي لها أدلة مطلقة: إن وجه توهم كشف الانفساخ، إنما جاء من قبل أن مقتضى ثبوت الخيار، هو حق إرجاع العوضين إلى ملكية المتعاقدين قبل العقد حقيقة، وأن الفسخ ردهما إلى محلهما الأول.
وهو فاسد; لما مر منا مرارا: من أن ماهية البيع ونحوه، متقومة بالتبادل الإنشائي في الملكية، لا الحقيقي (3)، وأن البيع ليس إلا ما أنشأه المتعاملان، وترتب الآثار خارج عنه، ولا ريب في أن الفسخ حل البيع، والخيار حق فسخه، ولا يعقل أن يكون العقد ما ذكرناه، والفسخ ردا في الملكية الحقيقية، بل الرد فيها ليس تحت قدرة ذي الخيار.
فالفسخ على وزان العقد، متعلق بالعقد الإنشائي، وحل له، فيصير موضوعا لحكم العقلاء برجوع الملكية الحقيقية، فإطلاق دليل الخيار، لا يثبت إلا حق حل العقد الإنشائي، حتى مع التلف الحقيقي والحكمي.
وأما رد العوضين في الملكية الحقيقية، فأجنبي عن مفاد الفسخ والخيار، بل بعد الفسخ يكون الرجوع الإنشائي، موضوعا للحكم العقلائي أو الشرعي، فلا وجه لكشف إطلاق دليل الخيار، انفساخ العقد الثاني توطئة.