الامرة بالتقصير فالاخبار بظاهرها متعارضة والترجيح مع الروايات الامرة بالتقصير الموافقة للشهرة وعمومات الكتاب والسنة مع ما في تلك الأخبار من احتمال التقية لنسبة القول بمضمونها من كفاية مطلق الملك إلى مذهب مالك مع أنه لا اثر لهذا التقييد إذ المتبع على هذا التقدير أيضا ليس الا ظواهر الاخبار الامرة بالتقصير فلا يتفاوت الحال ح في مقام العمل بين تسميته تقييدا أو ترجيحا وحكى عن المحدث الكاشاني في الوافي وغيره في غيره انهم احتملوا حمل ما دل على الاتمام في الملك صورتي الإقامة والاستيطان على التخيير وقد أجاب المحدث المزبور بذلك أي يحمل الاخبار على التخيير عن الاشكال التوجه على صحيحة عمران بن محمد الامرة بالاتمام في ضيعته التي يقيم فيها أقل من العشرة والتقصير في طريقها التي هي خمسة فراسخ إذ المرور بالضيعة على هذا التقدير ليس قاطعا للسفر فليس تخلله مانعا عن ضم الذهاب إلى الاياب في المسافة الملفقة فلا يمنع عن وجوب التقصير في طريقها إذا رجع ليومه بل مطلقا ما لم يتخلل قاطع كما قوينا فيما سبق وفاقا للمحدث المزبور وليس في الروايات الامرة بالاتمام في ملكه دلالة بل ولا اشعار بالقاطعية كي يتوجه عليه الاشكال من هذه الجهة الا ان حمل الاخبار على التخيير في حد ذاته مشكل لاستلزامه ارتكاب التأويل في جميع الأخبار المتعارضة وهذا النحو من الجمع يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود مع اباء بعضها عن ذلك فالأوجه رد علم الروايات الامرة بالاتمام إلى أهله لابتلائها بمعارض أقوى أي الروايات الدالة في ظاهرها على وجوب التقصير ولكن قد وقع في هذه الروايات التعرض لاختصاص هذا الحكم أي وجوب التقصير بما إذا لم ينو المقام في ملكه عشرا أو؟ فيه منزل استوطنه وقد عرفت ان معنى الاستيطان عرفا ولغة هو ان يتخذ مقرا لنفسه غير وطنه الأصلي الذي نشأ فيه فالمنزل الذي استوطنه عبارة عن المكان؟؟ لان يحل فيه لا على سبيل المسافرة بل حلول الشخص في مستقره وقد أشرنا فيما سبق إلى أن امر المسافر بالاتمام عند نزوله في أثناء سفره منزلا كذلك كأمره بالاتمام عند مروره بوطنه الأصلي ليس منافيا لما دل على وجوب التقصير على المسافر فإنه حال نزوله في ذلك المنزل لا يصدق عليه عرفا انه على سفر ولذا علل العلامة في التذكرة الحكم المزبور بخروج المسافر عن كونه مسافرا عند مروره بمنزله الذي يستوطنه ولم يظهر من الروايات الدالة على وجوب الاتمام في المنزل الذي يستوطنه إرادة معنى مغائر لذلك بل ظاهرها إرادة معناه العرفي كما هو مقتضى الأصل في كلماتهم وليس في الروايات المزبورة ما يوهم خلافه عدى ما وقع في صحيحة ابن بزيع المتقدمة من تفسير الاستيطان بان يكون له فيها منزل يقيم فيها ستة اشهر حيث إن تحديد مفهوم الاستيطان بخصوص هذا الحد ليس معهودا في العرف فلذا التزم المشهور بكونه حدا شرعيا له بل نسب إلى كثير منهم بل أكثرهم أو المشهور فيما بينهم الالتزام بان له حقيقة شرعية وان معناه شرعا هو ان يكون له ملك أقام فيه بل ولو قريبا منه كما صرح به بعضهم فيما مضى ستة اشهر ولو متفرقة ولم يكن بالفعل وطنا له بل معرضا عنه وهذا المعنى كما تراه مما لا ينطبق عليه شئ من ألفاظ الرواية فان ظاهرها بل وكذا ظاهر غيرها من الروايات الواردة في هذا الباب خصوصا ما وقع فيه التعبير بصيغة المضارع كما في هذه الصحيحة من قوله ع الا ان يكون له فيها منزل يستوطنه كما سمعت وفي صحيحة علي بن يقطين الأولى كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وفي صحيحة الثانية كل منزل من منازل لا تستوطنه فعليك فيه التقصير فإنه كالنص في إرادة الفعلية بل وكذا ما وقع فيه التعبير بلفظ المضي كقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي انما هو المنزل توطنه وفي صحيحة سعدان كان سكنه أتم الصلاة إذ المنساق من هذين الخبرين أيضا ليس الا إرادة ما اتخذه وطنا ومسكنا لنفسه على الاطلاق لا في زمان من الأزمنة الماضية فالتعبير بالمضي باعتبار مبده حدوثه لا زمان انقطاعه وعلى فرض شموله للأعم فلا بد من تخصيصهما بصورة فعلية السكون والتوطن لتلك الصحاح التي هي كالنص في في رادة المضي مع أنه ربما قيل في صحيحة الحلبي انه مضارع من التفعيل لان توطن لم يجيئ بمعنى اتخذه وطنا لكونه لازما مطاوعا ولكن نوقش في هذا القول بمجيئ الفعل بهذا المعنى كما في تبناه وتولاه فكونه مضارعا من التفعل مع ما فيه من الالتفات من الغيبة إلى الخطاب لا يخلو من بعد وكيف كان فالاخبار ظاهرها إرادة فعلية الاستيطان كما اعترف به غير واحد وما في صحيحة ابن بزيع من تحديد الاستيطان بان يكون له منزل يقيم فيه ستة اشهر على الظاهر جار مجرى التمثيل بيان فرد واضح يرتفع به استبعاد السائل عن أن يكون له وطن اخر غير وطنه الأصلي الذي سافر عنه لا التعبد كي نلتزم بان له حدا شرعيا تعبديا فإنه مع بعده في حد ذاته مخالف لسوق الرواية إذ المنساق منها انه لولا سؤاله ثانيا عن معنى الاستيطان لاكتفى الإمام عليه السلام في جوابه بما ذكره أولا من اطلاق الاستيطان وهذا انما يتجه فيما لو أريد به معناه العرفي كما في غيره من الروايات التي وقع فيها التعرض لهذا الحكم من غير إشارة فيها إلى إرادة معنى اخر من لفظ الاستيطان أو التوطن أو السكنى الواردة فيها غير معناها العرفي واحتمال معروفية ذلك المعنى لديهم على وجه لم يكن محتاجا إلى البيان في غاية البعد فهذا يكشف عن أن ما في هذه الصحيحة من تحديده بإقامة الستة اشهر جار مجرى التمثيل وان المقصود به حصوله على سبيل الاعتياد والاستمرار ولو شأنا بمقتضى اتخاذه وطنا لا مرة واحدة فيما يأتي أو ما مضى من باب الاتفاق لما أشرنا إليه من أن خصوصية الستة اشهر من حيث هي غير معتبرة في مفهومه عرفا كما أن تحققها مرة من باب الاتفاق غير كافية في ذلك والحاصل ان الامر دائر في المقام بين رفع اليد عن ظهور التفسير في اعتبار خصوصية هذا الحد فيما أريد من الاستيطان وظهور المقسر في إرادة معناه العرفي ومقتضى الأصل وان كان تحكيم ظهور التفسير على ظهور المفسر ولكن ذلك في غير مثل المقام الذي شهد والقرائن الخارجية والداخلية بكون المفسر بنفسه وافيا في إفادة المرام والا لم يكن يحسن الاقتصار عليه في مقام الجواب فحمل التفسير ح على التمثيل أولى مع أنه لو أريد به الحد الشرعي أي اعتبار إقامة الستة اشهر تعبدا فان أريد حصولها على سبيل الاعتبار والاستمرار كما فهمه الصدوق في ظاهر عبارته المحكية عنه واستظهره غير واحد من المتأخرين تلزم كون الاستيطان شرعا أخص من الاستيطان العرفي الذي يخرج المسافر عرفا عند حلوله فيه عن كونه مسافرا فإنه لو كان له في ضيعته دار أعدها مقرا لنفسه واسكن فيها بعض زوجاته وأهاليه ولم يزل يتردد إليهم ويقيم عندهم شهرا و شهرين أو ثلثا بعد ذلك وطنا له في العرف وان لم يكن مجموع اقامته لديهم في كل سنة بالغا هذا الحد فيجب على تقدير الالتزام باعتبار هذا الحد تعبده الالتزام
(٧٣٩)