هذه الخصوصية كما هو الشأن في أغلب الفروض المتقدمة فما دام تداركها ممكنا بنحو من الانحاء المزبورة صح له اعادتها فينحصر الاشكال حينئذ فيما لو صلى أولا جماعة حيث إنه لم يفته حينئذ الخصوصية التي ادعى شرعية تداركها مع الامكان ففي هذا الفرض ان أراد اعادتها مع تلك الجماعة التي صلاها بعينها فلا ينبغي الاستشكال في عدم جوازه لانتفاء ما يدل عليه بل عن بعض دعوى الاجماع عليه بل وكذا ان أراد اعادتها مع غير هذه الجماعة ممن صلاها جماعة خصوصا إذا كان مأموما في الجماعة الثانية واماما في الأولى نعم قد يتوهم الجواز في عكسه نظرا إلى كون المعادة أكمل فيمكن حينئذ استفادة شرعيتها من قوله عليه السلام فيما ارسله الصدوق ثانيا انه له يحسب أفضلهما وأتمهما وفيه تأمل وان أعادها مع مفترض اي مع من لم يصل فقد يقوى في النظر جوازه خصوصا مع إمامته له بل صرح شيخنا المرتضى رحمه الله في هذا الفرض بأنه لا اشكال ولا خلاف في جوازه مستشهدا له بما روى أن معاذا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله ثم يرجع فيصلي بقومه وعن ابن أبي جمهور في غوالي اللئالي بأسناده عن فخر المحققين عن والده العلامة أنه قال روى أن اعرابيا جاء إلى المسجد وقد فرغ النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه من الصلاة فقال الا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه فقام شخص فأعاد صلاته وصلى به ويستفاد من هذه الرواية جواز ايتمام من صلى جماعة بمن لم يصل لكونه أبلغ في ايصال الخير إليه وكونه صدقة عليه فيكون أولى بالجواز كما ربما يؤيد ذلك ما عن الكتاب المزبور مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله انه رأى رجلا يصلي وحده فقال الا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ولكن يشكل الاعتماد على مثل هذه الأخبار مع ما فيها من ضعف السند واشكل من ذلك الاعتماد على نقل عدم الخلاف فيه مع أن ظاهر عبارة المتن كصريح جملة ممن تأخروا عنه القول بالمنع بل في الحدائق نسبه إلى الأشهر فقال ما لفظه لا خلاف ولا اشكال في صحة الإعادة ومشروعيتها لمن صلى الفرض أولا منفردا وان الاشكال والخلاف فيما لو صلى جماعة فهل يستحب الإعادة جماعة مرة أخرى الأشهر الأظهر العدم وفي المدارك بعد ان ذكر انه يستفاد من عبارة المصنف رحمه الله ان من صلى الفريضة في جماعة ثم وجد جماعة أخرى لا تشرع له الإعادة قال وهو كذلك للأصل وادراك فضيلة الجماعة بالأولى ثم قال وحكم الشهيد في الذكرى باستحباب الإعادة للمنفرد والجامع لعموم الأدلة وهو غير واضح لان أكثر الروايات مخصوصة بمن صلى وحده وما ليس بمقيد بذلك فلا عموم فيه ومن هنا يظهر عدم تراسل الاستحباب وجوزه الشهيدان انتهى. أقول منع العموم فيما ليس بمقيد انما يتجه بدعوى انصرافها إلى المنفرد والا فهي اخبار مطلقة وقضية اطلاقها العموم خصوصا بملاحظة ما في بعضها الذي وقع جوابا عن سؤال مجمل كصحيحة ابن يزبع التي اعترف الخصم بدلالتها على المدعى من ترك الاستفصال وقد حكى عن صاحب الذخيرة انه نفى البعد عما ذكره الشهيدان مستندا إلى عدم الاستفصال في صحيحة محمد بن إسماعيل ثم قال والأحوط الأول لعدم ما يدل عليه صريحا وتوقف الصلاة على توقيف الشارع وقد روى عنه لا تصلي صلاة في يوم مرتين انتهى ولكنك عرفت امكان الخدشة في دلالة الصحيحة على المدعى فالأولى الاستدلال له بإطلاق صحيحة الحلبي وترك الاستفصال الواقع في موثقة عمار لو لم ندع انصرافهما إلى المنفرد كما ليس بالبعيد بل لعل انكاره مكابرة ولكن لا يبعد ان يدعى كونه بدويا يرتفع بعد الالتفات إلى شيوع صلاة الجماعة في تلك الاعصار وحصول الايتمام بغالب من يرونه مصليا وانه مهما كان الرجل يصلي في منزله أو في المسجد ربما يوجد واحد يأتم به فليس هذا الانصراف بحيث يحسن اطلاق الجواب من غير استفصال وأوضح من ذلك دلالة على المدعى خبر داود فإنه كالنص في خصوص الجامع إذ الظاهر أن المقصود بالسؤال هو انه كان يوم الجمعة يصلي العصر في جماعة مع امام الجمعة في وقتها الذي هو في يوم الجمعة بعد الفراغ من الجمعة فسئل عن حال مسجده في ذلك اليوم من أنه هل يبقى معطلا أو انه يعيد صلاته في وقت العصر من سائر الأيام مع الذين لم يشهدوا الجمعة من أولي الأعذار ولكن يمكن الخدشة فيه بأن الجمعة في تلك الاعصار لم يكن يقيمها الا المخالفون والصلاة مع امامهم ليست بجماعة حقيقة بل هي بحكم الفرادى بل هي هي حقيقة فلا تدل حينئذ على المدعى فليتأمل وربما يستدل له أيضا بقاعدة التسامح فإنه يكفي في تحقق موضوعها خبر الغوالي وحكاية فعل معاذ الدالة بالالتزام عادة على تقرير النبي صلى الله عليه وآله وفيه انها وان كانت مجدية في اثبات شرعية الإعادة من حيث هي مسامحة ولكنها غير مجدية في ترتيب الآثار المخالفة للأصل المترتبة على الجماعة في الواقع من سقوط القراءة عن المأموم ورجوع كل من الإمام والمأموم إلى الاخر في شكه كما تقرر في محله فهي مجدية فيما إذا لم يترتب على الجماعة اثر مخالف للأصل عدى حرمتها التشريعية التي ينفيها أدلة المسامحة كما لو أعاد الجامع صلاته مأموما بمفترض بقصد التصدق المستفاد استحبابه من النبوي المتقدم وأعاد المنفرد ان صلاتهما جماعة اخذا بفتوى بعض باستحبابه بناء على كفاية فتوى الفقيه في تحقق موضوع القاعدة إلى غير ذلك من الفروض التي لا يترتب عليها مخالفة أصل اخر فليتأمل. تنبيهات الأول: حكى عن الشهيدين وبعض من تأخر عنهما تجويز تكرير إعادة الصلاة ثانيا وثالثا وهكذا واستدل عليه بعمومات الأدلة وفيه ان العمومات قاصرة عن افادته فمقتضى الأصل عدم مشروعيته والاستدلال له بقاعدة التسامح بناء على كفاية فتوى الفقيه في تحقق موضوعها قد ظهر ما فيه فيما مر مع أن في الاكتفاء بفتوى الفقيه خصوصا مع وضوح مستنده اشكال. الثاني: هل يتعين في المعادة نية الندب أم يجوز نية الوجوب قولان ظاهر الأكثر الأول وصريح الشهيدين على ما حكى عنهما الثاني فعن الشهيد الثاني في محكى الروض أنه قال وأولى الصلاتين أو الصلوات هي فريضة فينوي بالباقي الندب لامتثاله المأمور به على وجهه فخرج من العهدة ولو نوى الفرض في الجميع جاز لرواية هشام بن سالم ثم نقل الرواية ثم قال ولما روى أن الله يختار أحبهما إليه وروى أفضلهما وأتمهما انتهى. وعن الذكرى والدروس أيضا تجويزه مستدلا عليه بالرواية المذكورة واعترض شيخنا المرتضى رحمه الله على هذا القول بعد نقله عن الشهيدين بقوله وفيه نظر لان الفعل الأول قد وقع على جهة الوجوب مستجمعا لشرائط اسقاط الواجب فلا يعقل نفي الوجوب عنه ولا وجوب اخر حتى يقع الفعل الثاني عليه ويمكن توجيه القول المذكور بأن المراد نية الفرض على وجه التوصيف بان يقصد كون هذا الذي يأتي به هو الذي يسقط به امتثال الامر السابق ولا عيب في ذلك بعد اذن الشارع ورخصته في أن يجعلها الفريضة ان شاء كما في مصححتي حفص وهشام بن سالم واخباره بأنه يختار الله أحبهما كما في رواية أبي بصير أو أفضلهما وأتمهما كما في ثالث مرسل نعم في بعض الأخبار انها لك نافلة وفي اخر اجعلها تسبيحا انتهى. أقول توجيه القول المزبور بما ذكر لا يخلو من بعد لان نية الفرض على هذا الوجه من مقومات مفهوم الإعادة التي تطابقت الفتاوى والنصوص على استحبابها فلو كان هذا مراد القائلين بجواز نية الفرض لكان الأولى لهم الاستدلال له
(٦٦٤)