صلوات فابدء بأولاهن الحديث فإنه مشعر بعدم كونه عاصيا بتأخير ما عليه من قضاء الصلوات إلى حين تذكره لهذه الصلاة وكون الامر موسعا عليه من هذه الجهة و انما الواجب عليه رعاية الترتيب لا الفورية كما أن ذيلها ناطقة بذلك وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن قام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء أو نسي فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وان خشي ان تفوته إحداهما فليبدء بالعشاء الآخرة وان استيقظ بعد الفجر فليبدء فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف ان تطلع الشمس فتفوته احدى الصلاتين فليصل المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلها وحكى نحوها عن رسالة السيد بن طاوس عن كتاب الحسين بن سعيد والمرسل المحكى عن الفقه الرضوي انه سئل العالم عن رجل نام أو نسي فلم يصل المغرب والعشاء قال إن استيقظ قبل الفجر يقدر ما يصليهما جميعا يصليهما وان خاف ان تفوته إحديهما بدء بالعشاء الآخرة فان استيقظ بعد الصبح فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء وقبل طلوع الشمس فان خاف ان تطلع الشمس فتفوته احدى الصلاتين فليصل المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تنبسط الشمس ويذهب شعاعها وان خاف ان يعجله طلوع الشمس ويذهب عنهما جميعا فليؤخرهما حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ونوقش في هذه الأخبار وبدلالتها على امتداد وقت العشائين إلى الفجر وهو مخالف للمشهور وموافق للجمهور فيغلب على الظن جريها مجرى التقية وكذا ما فيها من الامر بتأخير الفائتة عن طلوع الشمس حتى يذهب شعاعها الذي هو محل الاستشهاد مما لا يمكن الاخذ بظاهره من وجوب التأخير لمخالفة للاجماع والاخبار المعتبرة المستفيضة المصرحة بعدم المنع عن قضاء الفريضة متى ما ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار عند طلوع الشمس وغروبها فالأولى حمل هذه الأخبار على التقية وأجيب عن شذوذها وندرة العامل بها بما تضمنته من امتداد وقت العشائين إلى الفجر بالمنع فان القول بذلك لأولي الأعذار والناسي كما هو مورد هذه الأخبار معروف بين الأصحاب ذهب إليه كثير منهم على ما نسب إليهم ويدل عليه أيضا صحيحة ابن سنان الآتية فليس ذلك موجبا لطرح الاخبار مع أن حمل هذه الفقرة على التقية لأجل ابتلائها بمعارض ونحوه لا يوجب طرحها رأسا كما تقرر في محله هذا مع أنه لا يتمشى هذه الخدشة في صحيحة زرارة لعدم اشتمالها على هذا الحكم واما المناقشة فيما هو محل الاستشهاد بما ذكر فمدفوعة بحمل النهي على الكراهة جمعا بينها وبين غيرها من الاخبار التي هي نص في الجواز بل التعليل الواقع للنهي في ذيل الصحيحة المزبورة يصلح شاهدا لذلك لأنه يناسب الكراهة دون الحرمة كما لا يخفى على المتأمل ودعوى ان الكراهة أيضا مخالفة للنصوص والفتاوى لان ظاهرها انه لا مرجوحية أصلا مما لا ينبغي الاصغاء إليها إذا الفتاوى غالبا وقعت تابعة للنصوص والنصوص لأجل ورودها مورد توهم الحظر لا يكاد يفهم منها أزيد من الجواز الغير المنافي في المرجوحية بالإضافة كما هو معنى الكراهة في مثل المقام وعلى تقدير تسليم ظهورها في خلافه يرفع اليد عن هذا الظاهر بقرينة ما ذكر ولا ينافيه ما في تلك الأخبار من التفصيل بين قضاء الفوائت وغيرها مما نلتزم فيها أيضا بالكراهة لجواز تنزيل التفصيل على اختلاف المراتب و بما ذكرنا ظهر لك جواز الاستشهاد أيضا برواية عمار بن موسى عن الصادق عليه السلام في حديث فان صلى ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم وقد جازت صلاته وان طلعت الشمس قبل ان يصلي ركعة فليقطع الصلاة ولا يصلي حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها فليتأمل ومنها صحيحة محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفوته صلاة النهار قال يصليها ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء وصحيحة الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها قال متى شاء ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء ودعوى ان المراد بصلاة النهار وفي الصحيحتين النوافل النهارية عرية عن الشاهد وقياسه على صلاة الليل التي ينصرف اطلاقها إلى نافلة الليل قياس مع الفارق حيث إن صلاة الليل صارت حقيقة عرفية في النافلة المعهودة بحيث ينصرف عما عداها من النوافل الليلية أيضا فكيف يقاس عليه صلاة النهار التي لم يتعارف استعمالها في خصوص النافلة وما قيل من أن الشايع التعبير عن الفريضة باسمها الا بصلاة الليل ففيه ان هذا إذا قصد فريضة خاصة لا مطلقها فضلا عن مطلق الصلاة النهارية فريضة كانت أم نافلة كما يقتضيه اطلاق السؤال لو لم تدع انصرافها إلى الأول كما ليس بالبعيد هذا مع أن يكفي في تمامية الاستدلال بالخبرين قيام احتمال إرادة السائل خصوص الفريضة أو الأعم منها ومن النافلة ضرورة عدم كون السؤال ظاهرا في إرادة خصوص النافلة على وجه لم يكن محتاجا إلى الاستفصال لو كان الحكم مخصوصا بها وربما يؤيد بالخبرين أيضا صحيحة ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول صلاة النهار يجوز قضائها اي ساعة شئت من ليل أو نهار وصحيحة الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال اقض صلاة النهار اي ساعة شئت من ليل أو نهار كل ذلك سواء وهاتان الروايتان بحسب الظاهر مسوقتان لدفع توهم اعتبار المماثلة بين زماني القضاء والأداء وفي تعليق الحكم على المشية اشعار يكون الامر مبنيا على التوسعة كما لا يخفى ومنها ما في الوسائل عن علي بن موسى بن طاووس في كتاب غياث سلطان الورى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف ان يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك قال يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك إذ المراد بالدين على الظاهر اما خصوص الفريضة أو الأعم ولا أقل من عدم ظهوره وفي خصوص النافلة فيتم معه أيضا الاستدلال من باب ترك الاستفصال القاضي بالعموم ودعوى ان المراد به خصوص النافلة مجازفة ومنها ما عن السيد بن طاوس أيضا في رسالة المواسعة والمضايقة عن امالي السيد بن طالب الحسني باسناده إلى جابر بن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله صلى الله عليه وآله كيف اقضي قال صلى الله عليه وآله مع كل صلاة صلاة مثلها قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أم بعد قال قبل ونوقش فيه بان الامر بالصلاة ليس للوجوب قطعا فيمكن ان يكون ارشادا لكيفية قضاء ذلك الشخص فلعله كان القضاء مستحبا في حقه كما في المغمى عليه على ما قويناه فيما سبق وبهذا ظهر ضعف الاستشهاد له أيضا بما عن الذكرى عن إسماعيل بن جابر قال سقطت عن بعيري فانقلبت على أم رأسي فمكثت سبعة عشر ليلة مغمى على فسألته عن ذلك قال اقض مع كل صلاة صلاة أقول والأولى الخدشة فيهما بضعف السند مع ما في ثانيهما من الاضمار ولكن مع ذلك كله لا بأس بذكرهما في مقام التأييد فان فيهما الارشاد إلى ما هو الأوفق بحال السائل في مقام تفريغ ذمته عما اشتغلت به من القضاء مع الإشارة إلى كون الامر مبنيا على التوسعة ويؤيده أيضا خبر عمار المروي عن الذكرى
(٦٠٧)