الروايات كي تكون صارفة لها عن إرادة هذا المعنى فان قضية ما ذكر مطلوبيتها على الاطلاق وعدم فواتها بفوات وقتها فيصح حينئذ الاستشهاد بها لاثبات وجوب قضاء الفائتة بعد التذكر فلا يفهم من الاخبار ان المراد بلفظ ذكرى في الآية ذكر الصلاة حتى يحتاج توجيهه إلى التكلف وعلى تقدير إرادة هذا المعنى من الآية فلا مقتضى لتخصيصها بالفائتة بل تعم الحاضرة أيضا فيكون المراد بها الامر بإقامة الفرائض عند ذكرها سواء كان في الوقت أو في خارجه كما يؤيد ذلك ما تقدم نقله عن الطبرسي في تفسيرها ناسبا له إلى أكثر المفسرين من أن معنى الآية أقم الصلاة متى ذكرت ان عليك صلاة كنت في وقتها أم لم تكن ومن الواضح الامر بإقامتها متى ذكرها في وقتها ليس للفور ضرورة عدم وجوبها فورا ما دام الوقت واسعا فالمقصود بذلك ايجاب ايجادها بعد التذكرة لا ايجاب المبادرة إلى فعلها في أول أوقات الذكر إذ لا يستقيم ذلك بالنسبة إلى الحاضرة فيكشف ذلك عن أن المراد بقوله فليصلها إذا ذكرها في الروايات التي ورد فيها الاستشهاد لوجوب الفائتة بالآية انما هو إرادة هذا المعنى اي عدم فواتها بالنسيان في الوقت ووجوب الاتيان بها بعد التذكر لا الفورية والا لم يتم الاستشهاد بالآية وثانيا ان الاخبار المزبورة بنفسها قاصرة عن إفادة وجوب المبادرة لان الرواية الأولى عامية لا اعتداد بها والصحيحة الأخيرة مع ما فيها من حيث اشتمالها على قضية نوم النبي صلى الله عليه وآله من الاشكال صددها شاهد على في رادة الفورية من قوله فليصلها إذا ذكرها بل مجرد ايجاب القضاء بعد التذكر لاشتمال صدرها على حكاية قول النبي صلى الله عليه وآله وفعله مما ينافي الفورية بل يدل على المواسعة كما سيأتي نقله في أدلة المواسعة واما رواية زرارة الأولى فان تمت دلالتها فعلى وجوب الترتيب في الفائتة الواحدة كما هو أحد الأقوال الآتية دون الفورية وما فيها من الاستشهاد بالآية لعله لدفع توهم عدم جواز فعل الفائتة بعد دخول وقت الحاضرة حتى يراعى بينهما الترتيب هذا ولكن الانصاف ظهور الرواية في كون ما فيها من الاستشهاد بالآية لاثبات وجوب البدئة بالفائتة وهو لا يتم الا على تقدير إرادة الفور من الآية ولكن الرواية ليست مسوقة لبيان التفسير كي يكون العبرة بظاهرها وان كان بعيدا عن ظاهر الآية بل في مقام الاستشهاد فصرف التعليل إلى ما يناسب ظاهر العلة يجعله علة لبيان الجواز لدفع توهم المنع أولى من ارتكاب التأويل في العلة بتخصيص الصلاة بخصوص الفائتة كي يناسب الاستدلال للوجوب هذا مع أنه يحتمل قويا ان يكون المراد بقوله إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى هي أولى الظهرين والعشائين فالمراد بفوتها هو فوتها في وقتها الذي كان معهودا لديهم في تلك الأزمنة كما ورد نظير ذلك في سائر الأخبار وربما يؤمى إليه تتمة الرواية وهي قوله عليه السلام وان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدء بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى وربما يؤيده أيضا رواية العيص بن القاسم المروية عن كتاب الحسين بن سعيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أو نام عن الصلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إن كانت صلاة الأولى فليبدء بها وان كانت صلاة العصر صلى العشاء ثم صلى العصر فعلى هذا لا دلالة فيها الا على الفورية ولا على الترتيب فيما هو محل الكلام فليتأمل واما السنة فهي اخبار كثيرة منها الروايات الواردة في تفسير الآية وقد عرفت الجواب عنها ومنها الرويات التي ورد فيها الامر بالقضاء عند ذكره كالنبوي الذي ادعى في محكى السرائر انه من المجمع عليه بين الأمة من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها وخبر نعمان الرازي سأل الصادق عليه السلام عن رجل فاته شئ من الصلاة فذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها قال فليصل حين ذكر وصحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام اربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها وصلاة ركعتي الطواف الفريضة و صلاة الكسوف والصلاة على الميت فهذه يصليهن الرجل في الساعات كلها وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال خمس صلوات لا تترك على حال إذا طفت بالبيت وإذا أردت ان تحرم وصلاة الكسوف وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الجنازة وخبر يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل ينام عن الغداة حتى تبزغ الشمس أيصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس فقال يصلي حين يستيقظ؟ الوتر أو يصلي الركعتين قال بل يبدء بالفريضة وموثقة سماعة بن مهران قال سألته عن رجل نسي ان يصلي الصبح حتى طلعت الشمس قال يصليها حين يذكرها إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه وتقريب الاستدلال بها ان توقيت فعل الصلاة بوقت الذكر ظاهر في وجوب ايقاعها في ذلك الوقت كما في قول القائل ادخل السوق عند طلوع الشمس أو الزوال أو افعل كذا حين قدوم زيد ونحو ذلك وحملها على الاستحباب خلاف الظاهر ومنها الروايات الدالة على عدم جواز الاشتغال بغير القضاء مثل صحيحة أبي ولاد الواردة في حكم المسافر القاصد للمسافة الراجع عن قصده قبل تمامها وفي اخرها فان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك ان تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل ان تريم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت وعليك إذا رجعت ان تتم الصلاة حتى تصير إلى منزلك وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال يقضيها إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق بوقتها فليصلها فإذا قضاها فليصل ما قد فاته مما قد مضى ولا يتطوع بركعة حتى يقضى الفريضة كلها ومنها الروايات الآتية الدالة على الترتيب بدعوى في لقول بالفصل بينه وبين الفور وفيها ما عرفت من المنع ويتوجه على الاستدلال بسائر الاخبار ما عدى الخبرين الأخيرين أعني صحيحتي أبي ولاد وزرارة انها ما بين مسوق لبيان عدم اختصاص القضاء بوقت دون وقت في مقام توهم مرجوحيته في بعض الأوقات كما في جملة من الاخبار الايماء إليه ومسوق لبيان أصل وجوب قضاء المتروك لعذر من نوم أو نسيان وتوقيته بحين الاستيقاظ أو الذكر جار مجرى التعبير عند إرادة بيان عدم سقوطه ووجوب الاتيان به بعد زوال العذر فلا ينسبق من مثل هذا التعبير إرادة الفورية ولذا لا ترى تهافتا بين الفقرات التي تضمنتها صحيحة زرارة المتقدمة الواردة في نوم النبي صلى الله عليه وآله المشتملة على الامر بالصلاة إذا ذكرها مع أن صدرها وذيلها ما ينافي الفورية فإنه روى زرارة في الصحيح ان أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا حضر وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدء بالمكتوبة قال فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عيينة
(٦٠٥)