وأصحابه فقبلوا ذلك مني فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني ان رسول الله صلى الله عليه وآله عرس في بعض أسفاره وقل من يكلؤنا فقال بلال انا فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس فقال يا بلال ما أرقدك فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله الذي اخذ بأنفاسكم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة وقال يا بلال اذن فاذن فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله ركعتي الفجر وامر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلى بهم الصبح وقال من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها فان الله عز وجل يقول وأقم الصلاة لذكري قال زرارة فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقالوا نقضت حديثك الأول فقدمت على أبي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم فقال يا زرارة الا أخبرتهم انه قد فات الوقتان جميعا وان ذلك كان قضاء من رسول الله صلى الله عليه وآله فلو كان التبادر من قوله فليصلها إذا ذكرها إرادة المبادرة إلى فعل القضاء في أول زمان التذكر لكان ذلك منافيا لما حكاه من حكم رسول الله عليه وآله وكيف كان فهذه الصحيحة بملاحظة صدرها وذيلها صريحة في جواز النافلة في الجملة لمن عليه فائتة وكذا الانتقال من مكان إلى مكان اخر تحرزا على الصلاة في الأماكن المكروهة وكذا الاتيان بالاذان والإقامة ونحوهما من مستحبات الصلاة فان أراد القائلون بالمضايقة ما ينافي ذلك كما هو صريح كلمات كثير منهم فهذه الصحيحة حجة عليهم وان أرادوا الفورية العرفية فهو غير منافية لها فتأمل ولكن ربما نوقش في هذه الصحيحة المنافاة ما تضمنته من نوم النبي صلى الله عليه وآله عن الصلاة الواجبة المرتبة النبوة فلابد من حملها على التقية وأجيب بأن النوم ليس كالسهو نقصا كي يجب تنزه الأنبياء عنه خصوصا مع ما في بعض الأخبار الواردة في نوم النبي صلى الله عليه وآله من الإشارة إلى كونه من قبل الله تعالى رحمة بالعباد وفيه تأمل وربما أجيب أيضا بغير ذلك مما لا يهمنا الإطالة فيه بعد عدم انحصار المدرك في ذلك واما صحيحتا أبي ولاد وزرارة فالانصاف ظهورهما في وجوب المبادرة ولكن الاستشهاد بصحيحة أبي ولاد لذلك انما يتجه لو صح الالتزام به في مورده وهو مع مخالفته لفتوى الأصحاب حيث لم ينقل عن أحد القول بوجوب قضاء الصلوات المقصورة إذا بدا له عن السفر قبل اتمام المسافة مخالف لنص صحيح صريح بخلافه كما تعرفه في محله انشاء الله فالمتجه حملها على الاستحباب فلا تدل حينئذ على وجوب المبادرة فعمدة ما يصح الاستشهاد به للقول بالمضايقة هي صحيحة زرارة الأخيرة التي اعترفنا بظهورها في المدعى وهي أيضا لا تصلح مكافئة لغيره مما ستعرف مما هو نص أو اظهر دلالة على في لوجوب وبهذا ظهر لك الجواب عن جميع الأخبار المتقدمة على تقدير تسليم ظهورها في المدعى فان قضية الجمع بينها وبين غيرها مما ستعرف الحمل على الاستحباب واستدل للقول بالمواسعة بأمور منها اصالة البراءة عن التعجيل فان وجوب التعجيل وان لم يكن تكليفا مستقلا بل هو من انحاء وجوب الفعل الثابت في الجملة ولكن فيه كلفة زائدة عما يقتضيه التكليف بأصل الفعل الذي علم اجمالا فينفيه أدلة البراءة فإنها على ما تقرر في محله لا تقصر عن شمول مثل المقام ولكن الرجوع إلى الأصل انما يتجه لو لم يتم شئ من أدلة القول بالمضايقة وقد أشرنا إلى أن انكار دلالة بعض منها خلاف الانصاف ومنها لزوم العسر و الحرج المنفيين في الشريعة بل التكليف بما لا يطاق عادة في بعض الأحيان وفيه ان هذا ان سلم فمع كثرة الفوائت لا مطلقا مع أن أدلة نفي الحرج تنفي المضايقة إلى حد يكون تحملها تكليفا حرجيا وهذا مما لا يظن بالقائلين بالمضايقة انكاره وان حكى عن بعضهم المنع عن الأكل والشرب والنوم والتكسب ونحوه الا بمقدار الضرورة ولكن لا يبعد ان يكون مراده المنع عما زاد على ما يتوقف عليه تعينه في العادة اي الاقتصار على الضرورة العرفية الغير المنافي لأدلة نفي الحرج والا فهو مردود على قائله لحكومة أدلة نفي الحرج على عموم أدلة سائر التكاليف واطلاقها كما تقرر في محله ومنها سيرة المسلمين من السلف والخلف إذ قل من لم يتعلق ذمته بفائتة ولو لاخلال شرط أو ترك تقليد سيما في أوائل بلوغه ومع ذلك ينامون ويجلسون ويصلون في أوائل الأوقات مع أن المشهور عندهم ان الامر بالشئ نهي عن ضده وفيه انه يشكل الاعتماد على مثل هذه السيرة التي ربما يكون منشأها المسامحة وقلة المبالاة بالدين لجريان هذا الكلام حرفا بحرف في حقوق الناس التي لا كلام في فوريتها إذ قل من لم يتعلق بذمته شئ من الحقوق من الأخماس والزكوات والديون والغرامات وسائر الحقوق التي يجب الاستحلال من صاحبها من ايذاء أو غيبة أو قذف وسب و نحوها مع أنه أقل من يبادر من المسلمين إلى تفريغ ذمته من جميع ذلك فورا واما ما قيل من أن المشهور عندهم ان الامر بالشئ نهى عن ضده ففيه ما لا يخفى فان هذا ان كان مشهورا فهو بين الأصوليين والا فعامة الناس لا يعرفونه بل وكذلك أغلب الفقهاء إذ لا يعهد عنهم الالتزام بما يتفرع على هذه المسألة الأصولية في سائر أبواب الفقه بل حكى عن فقيه عصره وفريد دهره صاحب كشف الغطاء التصريح بان مسألة الضد شبهة في مقابلة الضرورة وهو في محله ومنها الاخبار وهي طوائف منها المستفيضة الواردة في نوم النبي صلى الله عليه وآله كصحيحة زرارة المتقدمة وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى أذاه حر الشمس ثم استيقظ فعاد ناديه ساعته وركع ركعتين ثم صلى الصبح وخبر سعيد الأعرج قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن الله أنام رسوله عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ثم قام فبدء فصلى الركعتين قبل الفجر ثم صلى الفجر ومضمرة سماعة قال سألته عن رجل نسي ان يصلي الصبح حتى طلعت الشمس قال يصليها حين يذكرها فان رسول الله صلى الله عليه وآله رقد عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ثم صلاها حين استيقظ ولكنه تنحى عن مكانه ذلك ثم صلى ولكنك عرفت فيما سبق ان الاعتماد على هذه الأخبار لا يخلو من اشكال فالأولى رد علمها إلى أهله ومنها الروايات الآتية الدالة على جواز تقديم الحاضرة على الفائتة بدعوى ان كل من قال بذلك قال بالمواسعة وفيه تأمل بل قد عرفت حكاية القول بالمضايقة وجواز تقديم الحاضرة عن صاحب هدية المؤمنين ومنها قوله عليه السلام في ذيل صحيحة زرارة الآتية التي هي عمدة الدليل للقول بالترتيب وان كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا إلى أن قال فان خشيت ان تفوتك الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء ابدأ بأولهما لأنهما جميعا قضاء أيهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس قال قلت ولم ذلك قال لأنك لست تخاف فوتها بل ربما يستشعر المواسعة من صدر هذه الصحيحة أيضا وهو قوله عليه السلام إذا نسيت الصلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء
(٦٠٦)