أرباب المعقول وهو ليس بالبعيد وكيف كان فقد نسب شيخنا المرتضى ره في أصوله إلى المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم بل المقطوع به من المفيد إلى الشهيد الثاني انه لو لم يعلم كمية ما فات قضى حتى يظن الفراغ ومستندهم كما يظهر من تصريح كثير منهم انما هو قاعدة الاشتغال قال الشيخ في التهذيب على ما حكى عنه اما ما يدل على أنه يجب ان يكثر منها ما ثبت ان قضاء الفرائض واجب وإذا ثبت وجوبها ولا يمكنه ان يتخلص من ذلك الا بان يستكثر منها وجب انتهى وعن العلامة في التذكرة أنه قال لو فاتته صلوات معلومة العين غير معلومة العدد صلى من تلك الصلوات إلى أن يغلب في ظنه الوفاء لاشتغال الذمة بالفائت فلا يحصل البراءة قطعا الا بذلك ولو كانت واحدة ولم يعلم العدد صلى تلك الصلاة مكررا حتى يظن الوفاء ثم احتمل في المسئلتين احتمالين أحدهما تحصيل العلم لعدم البراءة الا باليقين والثاني الاخذ بالقدر المعلوم لأن الظاهر أن المسلم لا يفوت الصلاة ثم نسب كلا الوجهين إلى الشافعية انتهى أقول اختار جملة من متأخري أصحابنا أيضا هذين الوجهين فعن الشهيدين وغيرهما التصريح بوجوب تحصيل العلم مع الامكان وعن المحقق الأردبيلي وصاحبي المدارك والذخيرة اختيار الوجه الأخير أي الاخذ بالقدر المتيقن وقواه شيخنا المرتضى ره وفاقا لغير واحد من متأخري المتأخرين بل لعله الأشهر أو المشهور بينهم لا لما قيل من أن الظاهر أن المسلم لا يفوت الصلاة لامكان المناقشة في ذلك من وجوه بل لموافقته للأصل فان القدر المتيقن هو الذي علم اشتغال ذمته به والبراءة اليقينية عنه يحصل بفعله وما زاد عليه لم يعلم اشتغال الذمة به حتى يجب الفراغ عنه فيعمل فيه على ما حسب ما يقتضيه أصل البراءة والحاصل ان العلم الاجمالي بان عليه فوائت كثيرة ينحل إلى علم تفصيلي بوجوب الأقل الذي هو القدر المتيقن والشك البدوي المتعلق بما زاد عليه فله بالنسبة إلى الزائد العمل بأصالة البراءة وعدم تعلق التكليف به لا يقال هذا انما يتجه لو قلنا بان التكليف بالقضاء تكليف مغائر للتكليف بالأداء فمتى شك فيه ينفى وجوبه بالأصل وهو ليس كذلك لان القضاء وان قلنا إنه بأمر جديد ولكن الامر الجديد كشف عن أن المطلوب بالامر الأدائي لا ينتفى مطلوبيته بفوات وقته فمتى شك فيه فقد شك في سقوط التكليف الذي علم بتنجزه عليه حال كونه أداء ومقتضى الأصل بقاء التكليف به وعدم سقوطه لأنا نقول يتوجه عليه أولا النقض بما لو شك في الفوات من غير أن يكون مقرونا بعلم اجمالي وحله ان قاعدة الشك بعد خروج الوقت حاكمة على مثل هذه الأصول ودعوى انصراف ما دل على في لاعتناء بالشك بعد خروج الوقت عن مثل هذا الشك المقرون بعلم اجمالي بعد فرض انحلال العلم الاجمالي إلى علم تفصيلي وشك بدوي غير مسموعة فان حاله حينئذ حال ما لو علم تفصيلا بان أمس مثلا فاتته صلاة العصر واحتمل فوات صلاة أخرى أيضا في ذلك اليوم أو غيره من الأيام ولا شبهة ان القاعدة غير قاصرة عن شمول ما عدى مورد اليقين والحاصل انه بعد تسليم امتياز معروض اليقين عن مورد الشك وصدق قول القائل انى اعلم بأنه فاتتني عشر صلوات مثلا واشك في الحادية عشرة لا وجه لدعوى انصراف الأدلة عنه ولكن الصغرى لا تخلو من تأمل إذ العلم الاجمالي بان عليه فوائت كثيرة يتصور على قسمين قسم منه ينحل بعد التدبر في أطرافه إلى علم تفصيلي وشك بدوي كما لو تأمل بعد علمه الاجمالي فذكر فوات عدة صلوات مفصلة وشك فيما زاد عليها فلا يبقى بعد ذلك اجمال في متعلق علمه ويصير حاله حال من علم تفصيلا بفوات صلاة معينة وشك فيما عداها وقد أشرنا إلى أن هذا مما لا ينبغي الارتياب في كونه مجرى للقاعدة و قسم منه مالا يزيده التأمل في أطرافه الا مزيد تحير كما لو حصل له العلم ببطلان كثير من صلواته في الأزمنة المطاولة لجهله ببعض المسائل كالصلاة الصادرة في طول عمره مع التيمم لكونه مخلا بالترتيب المعتبر فيه أو كونه مكلفا بالجبيرة في تلك الموارد مثلا فإنه لا يسعه في مثل هذه الموارد تشخيص متعلق علمه عما عداه بحيث يحدده بحد فإنه وان علم اجمالا بأنها ليست بأقل من خمس ولا بأكثر من الألف مثلا ولكن ليس له ان يفصل علمه ويجعل الخمس الذي هو القدر المتيقن حدا له بحيث يخبر عن علمه بأنه فاتته خمس صلوات لا ترى انه لو سئلت من كان هذا حاله عن عد ما تيقن من الصلوات التي صليها مع التيمم يجيبك بلا ادرى ولا يعين لمعلومه الاجمالي حدا ولا يجعل القدر المتيقن بخصوصه موردا لعلمه والظاهر أن هذا القسم هو مورد حكم الأصحاب بوجوب تحصيل الظن أو العلم بالفراغ وكيف كان فالاقتصار على القدر المتيقن في الخروج عن عهدة ما علمه بالاجمال في مثل هذه الموارد التي لا انحلال حقيقة في غاية الاشكال فوجوب الاحتياط فيها كما ذهب إليه المشهور قوى ولكن مع ذلك الرجوع فيما زاد عن المتيقن إلى اصالة البراءة وقاعدة الشك بعد خروج الوقت أقوى إذ غاية الأمر صيرورته من قبيل التكليف بالمجمل المردد بين الأقل والأكثر وقد تقرر في محله ان الأقوى جريان الأصول النافية للتكليف حتى في الارتباطي منه كالصلاة والصوم فضلاء عن غير الارتباطي منه كما فيما نحن فيه لسلامتها عن معارضة جريانها في الأقل فليتأمل وقد أشار إلى التفصيل المزبور بعض المحققين في ذيل كلامه المحكى عنه في رد صاحب الذخيرة القائل بان مقتضى القاعدة في المقام الرجوع إلى البراءة ما لفظه ان المكلف حين علم بالفوائت صار مكلفا بقضاء هذه الفائتة قطعا وكذلك الحال في الفائتة الثانية والثالثة وهكذا ومجرد عروض النسيان كيف يرفع الحكم الثابت من الاطلاقات والاستصحاب بل الاجماع أيضا واي شخص يحصل منه التأمل في أنه على ما قبل صدور النسيان كان مكلفا وبمجرد عروض النسيان يرتفع التكليف الثابت وان انكر حجية الاستصحاب فهو يسلم ان الشغل اليقيني يستدعى البراءة اليقينية إلى أن قال نعم في الصورة التي يحصل للمكلف علم اجمالي باشتغال ذمته بفوائت متعددة يعلم قطعا تعددها لكن لا يعلم مقدارها فإنه يمكن حينئذ ان يقال لا نعم تحقق الشغل بأزيد من المقدار الذي تيقنه إلى أن قال والحاصل ان المكلف إذا حصل القطع باشتغال ذمته بمتعدد والتبس عليه ذلك كما وأمكنه الخروج عن عهدته فالامر كما أفتى به الأصحاب وان لم يحصل ذلك بان يكون ما علم به خصوص اثنتين أو ثلث واما أزيد من ذلك فلا بل احتمال احتمله فالامر كما ذكره في الذخيرة ومن هنا لو لم يعلم أصلا بمتعدد في فائتة و علم أن صلاة صبح يومه فاتت واما غيرها فلا يعلم ولا يظن فوته أصلا فليس عليه الا الفريضة الواحدة دون المحتمل لكونه شكا بعد خروج الوقت والمفروض انه ليس عليه قضائها بل لعله المفتى به انتهى كلامه فان ما ذكره والحاصل إلى اخره مرجعه إلى التفصيل المتقدم واما ما ذكره قبل ذلك من التفصيل بين سبق
(٦٢١)