لا مجرد حصول صورتهما في الخارج كيفما اتفقت وقد عرفت في مبحث نية الوضوء والصلاة انه لا يعتبر في صحة الافعال العبادية عدى تشخيص نوع المأمور به واتيانه بقصد التقرب وحيث إن السجود لله تعالى يقع على وجوه فلابد من تمييز نوعه بان يقصد به سجدتي السهو واما تعيين سببه كتعيين كونه واجبا أو مندوبا أداء أو قضاء فالأظهر عدم اعتباره كما يظهر وجهه مما أسلفناه في المبحث المشار إليه ولكن لو عين سببا فسجد بداعي امتثال امره فانكشف مخالفته للواقع فقد يقوى في النظر البطلان حيث إن الامر الذي دعاه إلى فعله لم يكن له تحقق وما كان محققا لم ينو امتثاله نعم لو دعاه ذلك السبب المعين إلى فعله بداعي القربة وامتثال امره الواقعي من غير تقييد بخصوص ذلك السبب صح ثم إن مقتضى اطلاق أدلة موجبات السجدتين وعدم تقييد سببيتهما بما إذا لم يكن مسبوقا بسبب اخر تنجز التكليف بهما عند حدوث كل فرد منها وقضية ذلك تعدد التكليف بعدد أسبابها وعدم كفاية إطاعة واحدة في سقوط التكاليف المسببة عن الجميع كما تقدم تحقيق ذلك بما لا مزيد عليه في مبحث تداخل الأغسال من كتاب الطهارة فيجب تكرير السجدتين بتكرر أسبابه ولكن لا يجب عليه حين إرادة الامتثال تعيين السبب كما تقدمت الإشارة إليه والى وجهه من أنه لا يعتبر في حصول الإطاعة عدى تشخيص مهية المأمور به وايجاده بداعي الامر والفعل الخاص الواقع في حيز الطلب لا يتقيد بسببه كي يعتبر قصده وكذا لا يجب تعيين الامر الذي يقصد امتثاله فان الأوامر المتعددة المتعلقة بعده افراد من مهية لدى التحليل يؤل إلى الامر بايجاد تلك الافراد فهي بمنزلة امر واحد متعلق بالجميع فيكفي قصد امتثاله اجمالا ولو أراد التعيين جاز ولم يجب عليه تعيين الأسبق فالأسبق فله ان يجسد أولا للسهو الذي صدر منه أخيرا وتوهم ان قضية فورية السجود عدم صلاحية السبب الثاني للتأثير في ايجابه الا بعد فعله أولا للسبب الأول مدفوع بما تقدمت الإشارة إليه من أن الأوامر المتعددة المتعلقة بعدة افراد من طبيعة واحدة بمنزلة امر واحد متعلق بالجميع فهو بعد الصلاة مكلف بالاتيان بعدة افراد من هذه الطبيعة من دون ان يكون لبعض خصوصية مقتضية لايجاده قبل الآخر هذا مع امكان منع نهوض دليل على هذه المرتبة من الفورية لسجود السهو فليتأمل وهل يجب قصد السجود من حين الهوى له أم يكفي قصد امتثال امره بعد وضع جبهته على الأرض وجهان من أن المتبادر من الامر بالسجود إرادة احداث الوضع على الأرض فيجب ان يكون حين هوية ناويا له ومن أن السجود بحسب الظاهر اسم لمطلق الوضع فهو ما دام واضعا جبهته على الأرض بقصد الخضوع ساجد فكما انه باحداثه يتحقق مسمى السجود فكذا بإدامته فله ان يديمه بداعي الامتثال وانسباق احداثه إلى الذهن بدوي منشأه غلبة الوجود وهذا الوجه لا يخلو من قوة ولكن الأول ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما ما ذكره المصنف رحمه الله من استحباب التكبير فيهما ففي الحدائق نسبه إلى المشهور في كلام الأصحاب مستدلين عليه بموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن سجدتي السهو هل فيهما تسبيح وتكبير فقال لا انما هما سجدتان فقط فإن كان الذي سهى هو الامام كبر إذا سجد وإذا رفع رأسه ليعلم من خلفه انه قد سهى وليس عليه ان يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين وفيه ما لا يخفى إذ الرواية على خلاف المطلوب أدل وما فيها من امر الامام بالتكبير عند الوضع والرفع فإنما هو لاعلام المأمومين كما هو صريح النص لا كونه من اجزاء السجود هذا مع كونه أخص من المدعى لاختصاصه بالامام فالأولى الاستدلال له بفتوى المشهور من باب المسامحة بناء على اندراج مثلها في موضوع أدلة التسامح كما ليس بالبعيد ولا ينافيه ما في الخبر المزبور من نفي التكبير لجواز حمله على إرادة نفي الوجوب فلا ينافيه الاستحباب وكيف كان فما عن ظاهر الشيخ في المبسوط من القول بوجوبه في غاية الضعف إذ لا دليل على استحبابه أيضا لولا المسامحة فضلا عن الوجوب واما اعتبار رفع الرأس من السجود فمما لا ينبغي التأمل فيه بالنسبة إلى السجدة الأولى لتوقف تحقق الاثنينية عليه وتوهم كفاية التعفير ونحوه في تحقيق مفهوم الاثنينية من غير حاجة إلى الرفع كما في سجدتي الشكر بعد تسليم تحقق الصدق عرفا مدفوع بمخالفته لما ينسبق إلى الذهن من الامر بالسجدتين بل قد يقال بان المتبادر من امر المصلى بالسجدتين لتدارك سهوه إرادة الاتيان بهما على حسب ما هو المعهود (في سجود الصلاة فيجب فيها ما يجب) في سجود الصلاة من الطهارة والستر والاستقبال و كونه على الأعضاء السبعة ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه والجلوس فيما بينهما مطمئنا والرفع من الثانية أيضا وغير ذلك مما هو معتبر في سجود الصلاة كما صرح به بعض ولكنه لا يخلو من تأمل خصوصا بالنسبة إلى بعض ما ذكر كالستر والاستقبال والطهارة والجلوس بين السجدتين ونحوها مما لم يثبت اعتباره في السجود من حيث هو بل من حيث شرطيته للصلاة أو كونه واجبا مستقلا ولذا توقف غير واحد من المتأخرين في اعتبار شئ زائد فيهما على ما يتوقف عليه مفهوم السجدتين كما أومى إليه في الجواهر حيث قال بعد نقل جملة من أقوال الاعلام ما لفظه ولكن الانصاف ان للتوقف أو المنع فيما زاد على ما يتحقق به مسمى السجود عرفا أو شرعا لعدم ظهور أو انصراف معتد به في شئ من الأدلة فيبقى الاطلاق سليما مجالا انتهى واستدل جملة منهم لاعتبار الأمور المزبورة بقاعدة الاشتغال مع الاعتراف بانحصار المستند فيها وفيه ما تقرر في محله من أن المرجع لدى الشك في الشرطية والجزئية هو قاعدة البراءة لا الاشتغال خصوصا في مثل المقام الذي يمكن التمسك لنفي اعتباره لشك في اعتباره باطلاق أدلة السجود اللهم الا ان يناقش في ذلك بورود الاطلاق مورد حكم آخر أو بجريه مجرى العادة من فعلهما بعد الصلاة على النحو المتعارف المعهود في سجود الصلاة من قبل ان يحدث حدثا فلا يصح حينئذ التعلق لنفي اعتبار الشئ من الأمور المزبورة بأصالة الاطلاق بعد قضاء العادة بعدم تخلف السجدتين عن شئ منها في الغالب فليتأمل ويمكن التمسك لاثبات اعتبار كونه على الأعضاء السبعة باطلاق الروايات الواردة في أن السجود على سبعة أعظم بدعوى انها بظاهرها مسوقة لبيان مهية السجود المطلوب شرعا لا خصوص سجود الصلاة و كذا الاعتبار وقوع الجبهة على ما يصح السجود عليه باطلاق الروايات الدالة على أنه لا يصح السجود الا على الأرض ونباتها المتقدمة في محلها ولكنه لا يخلو
(٥٩٤)