بقوله عليه السلام في حسنة ابن البختري ولا سهو في نافلة محمله على مطلق الغفلة كما هو معناه لغة ولكن يتوجه عليه ما تقدمت الإشارة إليه لدى الاستشهاد بهذه الرواية للمسائل السابقة من أن الظاهر أن المراد بالسهو فيها خصوص الشك كما في سائر فقراتها فليتأمل وكيف كان فليس تدارك المنسي لدى تذكره ما لم يمنع عنه مانع من أحكام السهو حتى يتجه الالتزام برفعه بل هو من مقتضيات الأمر الأول المتعلق بذلك الشئ سواء تجاوز محله الأصلي أم لم يتجاوز كما تقدم توضيحه فيما سبق بل قد يستفاد من خبر الصيقل عن الصادق عليه السلام في الرجل يصلي الركعتين من الوتر فيقوم فينسي التشهد حتى يركع ويذكر وهو راكع قال يجلس من ركوعه فيتشهد ثم يقوم فيتم قال قلت أليس قلت في الفريضة إذا ذكر بعد ما يركع مضي ثم يسجد سجدتين بعد ما ينصرف فيتشهد فيهما قال ليس النافلة كالفريضة عدم كون التلبس بالركوع في النافلة مانعا عن تلافي المنسي كخبر الحلبي قال سئلته عن رجل سهى عن ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتى قام فركع في الثالثة قال يدع ركعة ويجلس ويتشهد ويسلم ثم يستأنف الصلاة كما أنه يستفاد من هذين الخبرين أيضا عدم بطلان النافلة بزيادة الركوع ويمكن الخدشة في دلالة الخبر الأخير بأنه بظاهره ورد فيمن أراد ان يصلي عدة ركعات كالثمان ركعات نافلة الزوال مثلا التي هي ركعتان ركعتان فتلبسه بالثالثة لا يكون الا بزعم فراغه من الأولتين اللتين هما نافلة مستقلة فحاله حال من تلبس بالعصر بزعم فراغه من الظهر ثم ذكر في أثناء العصر عدم فراغه من الظهر وقد عرفت فيما مضى انه قد يتجه الالتزام في مثل الفرض بالغاء ما في يده وتدارك المنسي ومنع استلزامه للزيادة المبطلة كما تقدم تحقيقه فعلى هذا ليس الحكم المستفاد من هذا الخبر مخالفا لحكم الفريضة بل قد يتجه خبر الحمل الأول أيضا على هذا بناء على لزوم التشهد والتسليم في ركعتي الشفع وعدم جواز الاتيان بالركعات الثلاث موصولة نعم بناء على جواز الاتيان بها موصولة كما يعطيه ظاهر هذه الرواية كغيرها من الروايات المذكورة في محلها يتم الاستشهاد بها للمدعى ولكن في خصوص موردها وهو نسيان التشهد لا غير اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على مورد النص فلو نسي سجدة أو القراءة من الأولى مثلا حتى دخل في الركوع لم يجز له الغاء الركوع لتدارك المنسي فان اعتبار ما عدى الأركان في النافلة أيضا كالفريضة مخصوص بحال التذكر وقضية ذلك صحة الركوع الواقع عن نسيان القراءة أو السجدة فلا يؤثر رفع اليد عنه في لغويته فلا يجوز اعادته بعد تدارك المنسي لاستلزامه زيادة الركن عمدا ولا الاقتصار على الأول لاستلزامه الاخلال بالترتيب ولا يرد النقض بالتشهد بعد ورود النص فيه الفارق بين المقامين بل قد يتجه الاقتصار على خصوص التشهد الأول من صلاة الوتر دون مثل صلاة الاعرابي لاحتمال كون منشأ الحكم شده الاهتمام بالتشهد الأول من الوتر بلحاظ كون الأولتين منها في الحقيقة نافلة مستقلة ولكن الشارع اكتفى بالفصل بينهما بالتشهد فليتأمل وقد ظهر بما ذكر ان أحكام السهو التي يصح دعوى استفادة رفعها من الصحيح المزبور انما هي مبطلية الزيادة السهوية و وجوب سجود السهو وقضاء السجود والتشهد المنسيين ومبطلية النقص السهوي الذي لا يمكن تداركه ولو بحذف الزائد كما لو ترك ركنا ولم يذكر الا بعد الخروج من الصلاة وايجاد ما ينافيها عمدا وسهوا من حدث ونحوه ويمكن الاستدلال أيضا لنفي مبطلية الزيادة والقضاء وسجود السهو بالأصل لامكان دعوى اختصاص ما دل على هذه الأحكام المخالفة للأصل ولو من باب الانصراف بالفريضة كما لا يخفى على المتأمل ودعوى ان مقتضى الأصل بطلان الصلاة بالزيادة السهوية فيما ثبت بطلانها بزيادته عمدا ولا خلاف على الظاهر في بطلان النافلة بزيادة الأركان عمدا مدفوعة بما بيناه في محلة من أن هذا الأصل غير أصيل فراجع ومما يؤيد نفي سجود السهو مضافا إلى ما عرفت ما عن بعض من نفي الخلاف فيه والله العالم خاتمة في سجدتي السهو وهما واجبان حيث ذكرنا وهو فيما لو نسي التشهد أو السجدة على تردد في الأخير كما عرفته فيما سبق وفيمن تكلم ساهيا ولو لزعم الخروج منها أو سلم في غير موضعه كذلك عن المشهور فيهما بل عن صريح بعض وظاهر آخرين دعوى الاجماع عليه فيهما ويدل عليه في الأول صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت سجدتا السهو قبل التسليم هما أو بعد قال بعد وفي رواية ابن أبي يعفور الواردة في الشك بين الاثنتين والأربع عن الصادق عليه السلام وان تكلم فليسجد سجدتي السهو وموثقة عمار عن الصادق عليه السلام عن الرجل إذا أراد ان يقعد فقام ثم ذكر من قبل ان يقدم شيئا أو يحدث شيئا قال ليس عليه سجدتا السهو حتى يتكلم بشئ فإنها تدل على ثبوتهما بالتكلم ولكن يمكن المناقشة فيه بأنه يحتمل قويا ان يكون المراد بالتكلم في هذا الخبر الأذكار التي هي (من افعال الصلاة التي) من شانها الاتيان بها بعد القيام أو القعود فتنهض الرواية حينئذ شاهدة للقول بثبوتهما لكل زيادة فليتأمل وخبر سعيد الأعرج المشتمل على قصة ذي الشمالين وفيه وسجد سجدتين لمكان الكلام ومنه يظهر دلالة غيره من الاخبار المشتمل على فعل رسول الله صلى الله عليه وآله إياهما فقط من دون بيان انه للكلام أو للسلام أولهما ويمكن الخدشة في هذه الأخبار بمخالفتها لأصول المذهب ومعارضتها بموثقة عبد الله بن بكير عن زرارة قال سئلت أبا جعفر عليه السلام هل سجد رسول الله صلى الله عليه وآله سجدة السهو قط قال لا ولا يسجدهما فقيه فيشكل الاعتماد عليها لغلبة الظن بجريها مجرى التقية مع أنه لا دلالة فيها على الوجوب وكيف كان ففيما عداها غنى وكفاية ونسب إلى الصدوق ووالده القول بعدم الوجوب حيث إنهما اقتصرا عند بيان ما يوجب سجدتي السهو على ذكر ما عداه بل حكى عن الصدوق التصريح بالانحصار فقال لا تجب سجدتا السهو الا على من قعد في حال قيام أو قام في حال قعود أو ترك التشهد أو لم يدر زاد أو نقص ولكن في الحدائق بعد نقل هذه العبارة عنه قال ثم قال في موضع اخر وان تكلمت في صلاتك ناسيا فقلت أقيموا صفوفكم فأتم صلاتك واسجد سجدتي السهو انتهى فيحتمل كون الحصر المذكور في كلامه إضافيا اي بالإضافة إلى ما يتعلق بنفس الصلاة دون الكلام الذي هو فعل خارجي كما أنه يحتمل ان يكون الامر بسجدتي السهو للكلام استحبابيا فلم يتحقق مخالفته للمشهور وحكى عن صاحب الذخيرة
(٥٨٩)