حملها على صورة التدارك بقرينة قوله عليه السلام قد أتم الصلاة وغيره من القرائن الخارجية إلى غير ذلك من الروايات الواردة في باب القراءة وغيرها مما يظهر منه عدم وجوب سجود السهو بالزيادات الحاصلة بواسطة التدارك فيتحقق المعارضة حينئذ بين هذه الأخبار وبين قوله عليه السلام إذا أردت ان تقعد فقمت (الخ) اللهم الا ان يحمل هذه الفقرة على إرادة ما لو استمر السهو إلى أن فات محل التدارك كما نبه عليه الشهيد رحمه الله في محكى الذكرى فيكون السجود حينئذ في الحقيقة لنقص القعود مثلا لا لزيادة القيام بل ليس هذا الوجيه لدى التأمل منافيا لظاهر الخبر إذ لا دلالة فيه على أن السبب للسجدتين هل هو فعل القيام في محل القعود سهوا أو ترك القعود في محله كما هو مقتضى التوجيه المزبور فتلخص مما ذكر ضعف الاستشهاد بالموثقة المزبورة لاثبات المدعى واضعف منه الاستدلال له بالروايات الامرة بالسجدتين لدى الشك في الزيادة والنقيصة ضرورة كونها أجنبية عن المدعى ودعوى أولوية المدعى عن المنصوص مدفوعة بظهور النص خصوصا صحيحة فضيل في إناطة الحكم بنفس الشك في الزيادة والنقيصة كما في الشك بين الأربع والخمس لا بذات الوصفين كي يدعى ان القطع بتحققهما سهوا أولى بالسببية (للسجدتين) من احتمال حصولهما فلا يقاس أحدهما بالاخر فضلا عن أن يكون أولى فهذه الصحيحة على خلاف المطلوب أدل فعمدة ما يصح الاستشهاد به لهذا القول هي مرسلة سفيان المتقدمة ونوقش فيها بضعف السند والأولى الجواب عنها بان حمل هذه الرواية على الاستحباب أولى من ارتكاب الطرح أو التأويل في الأخبار الكثيرة المنافية لها منها صحيحة فضيل وغيرها من الروايات الحاصرة للسهو فيما عدى مورد المرسلة أو المصرحة بأنه ليس في هذا سجود سهو ومنها الروايات المتقدمة الدالة على نفي سجود السهو للزيادات الحاصلة بالرجوع لتدارك المنسي ومنها الروايات الكثيرة الواردة في باب القراءة والذكر في الركوع وغير ذلك مما لم يقع التعرض في شئ منها لذكر سجود السهو مع كونها في مقام البيان مع ما فيها من التصريح بتمامية صلاته الظاهرة في فراغ ذمته من تبعة هذا التكليف وانه لا شئ عليه بل في بعضها التصريح بذلك بل بنفي سجود السهو كخبر أبي بصير قال سئلته عمن نسي ان يسجد سجدة واحدة فذكرها وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وليس عليه سهو وفي خبر محمد بن منصور الآتية الواردة أيضا في ناسي السجدة التصريح بأنه ليس عليك سهو ولكن قد يعارض هذين الخبرين بعض الروايات الخاصة والجمع بينهما بالحمل على الاستحباب ممكن وقد تقدم الكلام فيه مشروحا في محله وموثقة منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني صليت المكتوبة فنسيت ان اقرأ في صلاتي كلها فقال أليس قد أتممت الركوع والسجود قلت بلى قال قد تمت صلاتك إذا كان نسيانا وفي صحيحة زرارة من ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسي فلا شئ عليه وفي صحيحة محمد بن مسلم ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل نسي القراءة في الأولتين فذكرها في الأخيرتين فقال يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الذي فاته في الأولتين ولا شئ عليه ومن المعلوم ان عموم لا شئ عليه لسجود السهو في مثل هذه الصحيحة التي لا موقع لتوهم غيره أقوى من ظهور المرسلة في الوجوب وتوهم أولوية ارتكاب التخصيص فيها بالنسبة إلى هذا المورد ونظائره من حملها على الاستحباب مدفوع بعد الغض عن عدم نقل القول بذلك بان أولوية التخصيص أو بعض التأويلات التي يمكن ارتكابه في سائر الأخبار من حمل المرسلة على الاستحباب كحمل لا شئ عليه على نفي الإعادة والاثم وحمل الحكم بتمامية الصلاة على ارادتها من حيث هي الغير المنافية لوجوب السجدتين بناء على ما هو الأظهر من كونهما تكليفا مستقلا لا متمما للصلاة أو غير ذلك من المحامل لو سلمت فإنما هي فيما إذا لوحظت المرسلة مع كل واحدة من واحدة الروايات المنافية لها لا بالنسبة إلى جميعها هذا مع مخالفة المرسلة بظاهرها مع ما فيها من ضعف السند للمشهور وما عن بعض من دعوى شهرة القول بوجوب سجود السهو لكل زيادة ونقيصة مما لا ينبغي الالتفات إليه بعد انا نرى ان المشهور بين العلماء قديما وحديثا حصر موارده في مواضع خاصة وكيف كان فالقول به ضعيف وحكى عن الصدوق والسيد وسلار وغير واحد ممن تأخر عنهم القول بوجوبهما للقيام في موضع القعود وعكسه ويظهر مستنده مع ما فيه مما مر وحكى عن العلامة في المختلف القول بوجوبهما للشك في الزيادة والنقيصة وعن الشهيد في الروض الميل إليه وعن المفيد رحمه الله في الغرية القول بوجوبهما فيما إذا لم يدر زاد سجدة أو نقص سجدة أو زاد ركوعا أو نقص ركوعا ولم يتيقن ذلك وكان الشك بعد تقضي وقته وهو في الصلاة واستدل للقول به للشك في الزيادة والنقيصة مطلقا بصحيحة فضيل وموثقة سماعة المتقدمتين وخبر زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول قال رسول اله صلى الله عليه وآله إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس وسماهما رسول الله صلى الله عليه وآله المرغمتين وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تشهد فيهما تشهدا خفيفا ويمكن الخدشة في دلالة الرواية الأخيرة بانسباقها إلى إرادة الركعة واما ما عداها من الأخبار المتقدمة فمقتضى اطلاقها إرادة الأعم من الاعداد والافعال من غير فرق بين تجاوز المحل وعدمه ولا يجدي تدارك المشكوك ما دام في محله في زوال شكه فإنه قبل التدارك كان شاكا في النقيصة وبعده في الزيادة بل قضية الاطلاق شموله لابعاض القراءة والتشهد وغيرهما مرأة ذكار حتى في مثل الكلمة والكلمتين اللهم الا ان يدعى انصراف اطلاق اسم الزيادة و النقيصة عن الابعاض وهو لا يخلو من تأمل وكيف كان فيعارضها بالنسبة إلى الافعال جملة من الاخبار منها ما عن الشيخ باسناده عن محمد بن منصور قال سئلته عن الذي ينسي السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها فقال إذا خفت ان لا تكون وضعت وجهك الا مرة واحدة فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرة واحدة وليس عليك سهو وعن الكليني رحمه الله باسناده عن الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل سهى فلم يدر سجد سجدة
(٥٩٢)