من نظر لان معهودية السجود في الصلاة مانعة عن ظهور مثل هذه الأخبار في إرادة الجنس ولذا لم نلتزم باعتبار الشرطين في سجود التلاوة ونحوه كما عرفته في محله واستدل أيضا الشرطية الطهارة بأنهما مكملتان وجابرتان للصلاة التي يشترط فيها ذلك وبالأمر بهما قبل الكلام فالحدث أولى أو ان ذلك مشعر باتصالهما بالصلاة اتصال الجزء وفيهما ما لا يخفى بعد ما ستعرف من أن الأظهر انهما تكليف مستقل يرغم بهما انف الشيطان ولا يجب الاخلال بهما ابطال الصلاة فلابد حينئذ من حمل الامر بفعلهما قبل ان يتكلم اما على الاستحباب أو الوجوب تعبدا أو جعله كناية عن وجوب المبادرة إلى فعلهم اقبل التلبس بالافعال الخارجية التي أدناه التكلم فيكون دليلا للفورية كما استدل به غير واحد لذلك فلا يصح مقايسة الحدث الحاصل حال التشاغل بهما على التكلم الواقع قبلهما بعد فرض كونهما واجبا تعبديا مغايرا للصلاة فضلا عن أن يكون أولى واما اعتبار الجلوس بين السجدتين مطمئنا فعن مجمع البرهان لعله لا خلاف فيه وعن مفتاح الكرامة نسبته إلى الفاضل وجمهور من تأخر عنه وربما استدل له مضافا إلى ما عرفته مع ما فيه موقف الاثنينية عليه ونوقش فيه بمنع توقف الاثنينية على الجلوس فضلا عن الطمأنينة فيه وهو في محله فتلخص مما ذكر ان مقتضى الأصل كفاية مسمى السجدتين وعدم اعتبار شئ زائد على ذلك ولكن الالتزام به في غاية الاشكال بعد مخالفته لظاهر كلماتهم وعدم كون دعوى انصراف اطلاق الامر بهما إلى إرادة فعلهما على النحو المتعارف المعهود في الصلاة بعيدة عن الصواب فاعتبار التفاصيل المزبورة خصوصا بعضها كوضع المساجد الذي قد يقال بكونه من مقومات مفهوم السجود لدى المتشرعة ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما التشهد بعدهما فربما نسب القول بوجوبه إلى المشهور بل عن التذكرة والذكرى نسبته إلى علمائنا وعن المعتبر والمنتهى دعوى الاجماع عليه ويشهد له اخبار مستفيضة منها قول الصادق عليه السلام في صحيحة الحلبي الواردة فيمن لا يدرى أربعا صلى أو خمسا واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تتشهد فيهما تشهدا خفيفا وموثقة أبي بصير قال سئلته عن الرجل ينسى ان يتشهد قال يسجد سجدتين يتشهد فيهما وصحيحة علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلى واحدة أو اثنتين أو ثلاثا قال قال عليه السلام يبنى على الجزم ويسجد للسهو ويتشهد تشهدا خفيفا ورواية سهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام أنه قال يبنى على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا ورواية الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي الركعتين من الوتر فيقوم فينسى التشهد حتى يركع فيذكر وهو راكع قال يجلس من ركوعه فيتشهد ثم يقوم فيتم قال قلت له أليس قلت في الفريضة إذا ذكر بعد ما ركع مضى ثم سجد سجدتين بعد ما ينصرف يتشهد فيهما قال ليس النافلة مثل الفريضة وحكى عن العلامة في المختلف القول باستحباب التشهد والتسليم وقواه بعض متأخري المتأخرين جمعا بين الاخبار المزبورة وبين موثقة عمار قال سئلته عن سجدتي السهو هل فيهما تسبيح أو تكبير فقال لا انما هما سجدتا فقط إلى أن قال وليس عليه ان يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين ويؤيده أيضا الأصل واطلاق الأخبار الواردة في مقام البيان الخالية عن ذكر التشهد والتسليم ويتوجه على الاستدلال بالأصل والاطلاق عدم قابليتهما لمعارضة الاخبار المزبورة مع امكان الخدشة في الاطلاقات بورودها مورد حكم اخر لا بيان الكيفية فليتأمل واما الموثقة فهي بظاهرها معارضته للاخبار المزبورة المصرحة بان فيهما التشهد وارتكاب التأويل في الجميع باخراج كل منها عن ظاهره من غير شاهد خارجي خلاف ما يقتضيه قاعدة التراجيح إذ لو بنى على ارتكاب مثل هذا الجمع في الاخبار المتناقضة صورة قلما يوجد للاخبار العلاجية الامرة بالرجوع إلى المرجحات عند تعارض الاخبار مورد فالأظهر في مثل المقام اعمال قاعدة التراجيح لا الجمع ومن الواضح عدم صلاحية الموثقة التي قد ترمى بالشذوذ لمعارضة المعتبرة المستفيضة المشهورة وحكى عن بعض الأصحاب حمل الموثقة على التقية لموافقة ما اشتملت عليه لجملة من العامة وقد أجيب عنها أيضا بحمل ما فيها من نفي التشهد على إرادة التشهد المتعارف في تلك الاعصار المشتملة على جملة من المستحبات فلا ينافيها التشهد الخفيف الذي أثبته تلك الروايات وفيه ان سوق الموثقة بقرينة صدرها كالنص في إرادة جنس التشهد فالحق في الجواب ما عرفت ثم إنه قد ورد في جملة من الاخبار التقييد التشهد بالخفيف فهل هو رخصة أو عزيمة وجهان أوجههما الأول لورود القيد مورد توهم وجوب الزيادات المتعارفة في تشهد الصلاة فلا يتبادر من الامر بالتشهد الخفيف الا إرادة بيان أقل المجزي فلا ينافيه جواز الاتيان بالأكثر والمراد بالخفيف هو الاقتصار على الواجب منه الخالي من الأذكار الطويلة المستحبة كما ذكره بعض الأصحاب اي الشهادتين والصلاة على النبي وآله عليه وعليهم السلام واحتمال إرادة الاقتصار على مجرد الشهادتين من دون الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله لعدم اندراجها في اطلاق التشهد فضلا عن الخفيف منه مما لا ينبغي الالتفات إليه ولذا لم ينقل الخلاف في الصلاة على النبي عن أحد بل عن المصنف في المعتبر دعوى الاجماع على وجوبها حيث قال الواجب السجدتان والشهادتان والصلاة على النبي باجماع علمائنا فترك التصريح بها في النصوص وبعض الفتاوي لاندراجها لدى المتشرعة في مفهوم التشهد والا فلفظ التشهد من حيث هو لولا المعهودية في الشريعة كلمة مجملة فكما يفهم منه إرادة الشهادة بالوحدانية والرسالة بواسطة المعهودية فكذلك الصلاة على النبي التي هي من اجزاء التشهد المعهود ولاجل ما أشرنا إليه من أن التشهد في مصطلح أهل الشرع اسم للشهادة المعهودة التي يتبعها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وغيرها من الزيادات الغير المقومة لاسمه قد يقوى في النظر اعتبار الاتيان به بالصيغة التي نفينا البعد عن اعتبار صورتها في تشهد الصلاة وهي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صلى على محمد وآل محمد ومن اكتفى هيهنا في الشهادتين بلفظ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فلعله يكتفي بذلك في تشهد الصلاة أيضا والا فيشكل الالتزام بكفايته في خصوص المقام إذ لا شاهد له عدى توصيف التشهد بالخفيف وهو لا ينهض شاهدا لذلك بعد فرض مخالفته صورة لما تعارف اطلاق اسم التشهد عليه في الشرع وهو الذي اعتبره الشارع جزء من الصلاة وهو في حد ذاته قابل للاتصاف بالخفيف
(٥٩٥)