وقوع خلل في الأولى بترك سجدة أو سجدتين لأن الشك بالنسبة إليها شك في الشئ بعد تجاوز محله وبالنسبة إلى احتمال كونهما من هذه الركعة شك في الشئ قبل تجاوز المحل والمرجع فيه اصالة عدم فعل المشكوك فيه وبقاء التكليف به وليس علمه الاجمالي في هذا الفرض مانعا عن اجراء الأصول في مجاريها إذ لا يلزم منها مخالفة قطعية لما علمه بالاجمال اللهم الا ان يمنع جريان قاعدة الشك بعد التجاوز في مثل المقام الذي علم اجمالا بفوات شئ مردد بين ما بقي محله وما تجاوز عنه كما ليس بالبعيد بالنظر إلى منصرف أدلته ومن هنا احتمل شيخنا المرتضى رحمه الله في هذه الصورة وجوب قضاء سجدة واحدة بعد الصلاة لتحصيل البراءة اليقينية من المنسي ولكنه لم يوجب عليه إعادة الصلاة وان احتمل كونهما من الأولى نظرا إلى أن قاعدة الشك بعد التجاوز إذا منعنا جريانها في المقام يكون المرجع اصالة بقاء التكليف بالمنسي وعدم فعله في محله فعليه تداركه بعد الصلاة ولا يثبت بمثل هذه الأصول فوات السجدتين من الأولى فأصالة عدم تحقق المبطل سليم عن المزاحم لا يقال فعلى ما ذكر يجب عليه قضاء السجدتين بعد الصلاة لأن احتمال فواتهما من الأولى وان لم يلتفت إليه من حيث كونه مبطلا ولكنه يجب الالتفات إليه من حيث كونه جزء لأنا نقول فوات سجدتين معا مبطل للصلاة فلا يشرع قضائهما فكيف يمكن اثبات امر يعلم بعدم شرعيته بالأصول هذا ولكن الأصل الذي بنوا عليه الحكم بصحة الصلاة أعني اصالة عدم تحقق المبطل مما لا أصل له في مثل المقام الذي ينشأ البطلان من في يجاد تمام الاجزاء المقومة لها فان مقتضى الأصل في مثل المقام في لاتيان بالمأمور به وبقاء التكليف ما لم يكن هناك أصل حاكم كقاعدة الشك بعد الفراغ أو بعد تجاوز المحل والمفروض عدم جريان شئ منهما في المقام فالأظهر بناء على عدم جريان قاعدة الشك بعد تجاوز المحل وجوب الإعادة لقاعدة الشغل وهل يجوز له القطع والاستيناف أم عليه الاتمام وقضاء سجدة (ثم الإعادة) وجهان من أن كونه في الصلاة غير معلوم حتى يتنجز في حقه حرمة القطع ومن امكان استصحاب الكون في الصلاة المتفرع عليه حرمة المنافيات وان لم يثبت به موافقة الماتى به للمأمور به كما تقرر في محله ولكنه لا يخلو عن تأمل فليتأمل واما إذا لم يحتمل كونهما من الثانية بل اما من الأولى أو كون كل سجدة من ركعة فحكمه بناء على صحة التمسك بأصالة في لمبطل في مثل المقام هو ان يأتي بسجدة ويمضي في صلاته ثم يقضي سجدة بعد الصلاة ولكنك عرفت ضعف المبني فمقتضى الأصل في المقام حيث علم اجمالا بوقوع خلل في الأولى اما بترك سجدة أو سجدتين الاحتياط لكونه شكا في المكلف به ولا يقاس ذلك بما لو علم اجمالا بفوات ركن من الأولى أو القراءة ونحوها مما لا اثر لفواته سهوا حيث إن علمه الاجمالي في المثال غير منجز للتكليف بخلاف ما نحن فيه فإنه يعلم اجمالا بتنجز تكليف في حقه اما باستيناف الصلاة أو قضاء سجدة للأولى بعد الصلاة فعليه الاحتياط وقضية ذلك اتمام الصلاة بالاتيان بسجدة للثانية لوقوع الشك فيها قبل تجاوز محلها والمضي في الصلاة وقضاء سجدة للأولى بعدها ثم الإعادة وهل يجوز له القطع والاستيناف فيه وجهان كما عرفت واما ان ذكره بعد التشهد بناء على أن الدخول فيه موجب لعدم الالتفات إلى الشك أو بعدم الدخول في الثالثة قبل التلبس بركوع الثالثة فالأقوى البطلان إذ ليس له ترجيح أحد الاحتمالات كي يعمل بمقتضاه من استيناف الصلاة ان كانتا من الأولى أو تداركهما في الصلاة ان كانتا من الثانية أو تدارك إحديهما في الصلاة وقضاء الأخرى بعدها ان كان كل واحدة منهما من كل من الركعتين إذ الاحتمالات متعارضة والشك بالنسبة إلى الجميع شك بعد تجاوز المحل فلو عمل بالقاعدة في الجميع لزم منه طرح العلم الاجمالي والمضي في صلاته مع أنه يعلم تفصيلا بمخالفته لما هو تكليفه من الاستيناف أو الرجوع وتدارك السجدتين أو إحديهما في الصلاة نعم لو شك في أن كلتيهما من الثانية أو كون كل منهما من كل من الركعتين أمكن الالتزام بكونه بمنزلة ما لو ذكره قبل تجاوز المحل فعليه الاتيان بالسجدتين والمضي في صلاته حيث إن عليه الغاء الزائد والرجوع التدارك المنسي المعلوم اجمالا تحققه في هذه الركعة فليتأمل واما ان ذكره بعد التلبس بركوع الثالثة فهو كما لو ذكره بعد الفراغ من الصلاة واما في هذه الصورة اي فيما لو ذكره بعد الفراغ فقد يقال بصحة صلاته وعدم وجوب قضاء السجدتين (لقاعدة الشك مد الفراغ وتجاوز لمحل وأصالة براءة اللازمة عن التكليف بقضاء السجدتين) وعلمه اجمالا بان صلاته اما باطلة وان عليه قضاء المنسي غير مانع عن اجراء الأصول في مجاريها لأن مخالفة الاحكام الظاهرية للواقعية إذا اقتضتها الأصول والقواعد في الشبهات الموضوعية غير عزيزة وفيه ما تقرر في محله من أن العلم الاجمالي كالتفصيلي منجز للتكليف وحيث انه يعلم اجمالا بأنه في الواقع اما مكلف بإعادة الصلاة أو قضاء المنسي وجب عليه الاحتياط بالجمع بينهما وما يقال من جواز مخالفة الحكم المعلوم بالاجمال في الشبهات الموضوعية مما لا ينبغي الاصغاء إليه والموارد الواردة في الشرع لموهمة للجواز لابد من توجيهها ثم انا قد أشرنا إلى أن مقتضى الاحتياط في المقام هو الجمع بين قضاء السجدتين والإعادة ولكن قد يلوح من كلام بعض ان مراد المصنف وغيره ممن رجح جانب الاحتياط في المسألة خصوص الإعادة لا الجمع وهو لا يخلو من وجه لأن الأصل براءة ذمته عن التكليف بقضاء السجدتين ولا يعارضه اصالة براءة ذمته عن التكليف بالإعادة لأنها من اثار بقاء الأمر الأول وعدم حصول امتثاله وهو موافق للأصل فعلمه الاجمالي بان عليه اما قضاء السجدتين أو الإعادة غير موجب للاحتياط بعد ان كان مقتضى الأصل في أحد طرفيه الاشتغال وفي الآخر البراءة فليتأمل ولو علم أن السجدتين كانتا من ركعتين ولكن لم يدر أيهما هي قيل كما عن الشيخ وجماعة يعيد لأنه لم تسلم الأوليان يقينا والأظهر انه لا إعادة لما ستعرف من أن الأظهر عدم الفرق بين الأوليين وغيرهما في احكام ما عدى عدد الركعات وعليه سجدتا السهو لنسيان السجدة كما ستعرفه عند التعرض لموجبات سجدتي السهو بل المتجه تكريرهما إذ المفروض ترك سجدتين من ركعتين وهو لا يكون الا لسهوين وقضية الأصل عدم
(٥٤٥)