لما سمعت ولولا اعراض المشهور عنهما لم يكن الجمع بينهما وبين تلك الأخبار بالحمل على التخيير بعيدا الا ان اعراض الأصحاب عنهما بحيث لم ينقل القول بمضمونهما عن أحد أسقطهما عن الاعتبار نعم حكى عن الإسكافي ما يوافقه في الجملة فإنه قال على ما حكى عنه اليقين بترك احدى السجدتين أهون من اليقين بترك الركوع فان أيقن بتركه إياها بعد ركوعه في الثالثة سجدها قبل سلامه والاحتياط ان كانت في الأولتين الإعادة ان كانت في وقت وهذا لا يخرجه عن الشذوذ هذا مع أن المتجه هو الرجوع إلى المرجحات لا الجمع في مثل هذه الأخبار التي يحتاج الجمع بينها إلى ارتكاب التأويل في الجميع بحملها على الجواز والوجوب التخييري والترجيح مع المشهور ومما يؤيد أيضا ان محلها بعد التسليم رواية محمد بن منصور قال سئلته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها فقال إذا خفت لا تكون وضعت وجهك الا مرة واحدة فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وليس عليك سهو والظاهر أن المراد بقوله عليه السلام إذا خفت (الخ) بقرينة السؤال مطلق في لاطمينان الا بفعل سجدة الغير المنافي للاطمينان بترك واحدة وحكى عن المفيد رحمه الله ان قال إذا ذكر بعد الركوع فليسجد ثلاث سجدات واحدة منها قضاء وعن علي بن بابويه في رسالته على ما نقله عنه في محكى الذكرى أنه قال فان نسيت سجدة من الركعة الأولى فذكرتها في الثانية من قبل ان تركع فأرسل نفسك فاسجدها ثم قم إلى الثانية وابتدء القراءة فان ذكرت بعد ما ركعت فاقضها في الركعة الثالثة وان نسيت سجدة من الركعة الثانية وذكرتها في الثالثة قبل الركوع فأرسل نفسك واسجدها فان ذكرتها بعد الركوع فاقضها في الركعة الرابعة وان كانت سجدة من الركعة الثالثة وذكرتها في الرابعة فأرسل نفسك واسجدها ما لم تركع وان ذكرتها بعد الركوع فامض في صلاتك واسجدها بعد التسليم انتهى وعن الذكرى انه بعد ان نقل قول المفيد وابن بابويه قال وكأنهما عولا على خبر لم يصل الينا أقول اما قول المفيد رحمه الله فقد اعترف غير واحد بعدم العثور له على دليل واما ما حكى عن ابن بابويه فهو موافق للمنقول عن كتاب الفقه الرضوي ففي الرضوي على ما نقل عنه قال فان نسيت السجدة من الركعة الأولى ثم ذكرت في الثانية من قبل ان تركع فأرسل نفسك واسجدها ثم قم إلى الثانية واعد القراءة فان ذكرتها بعد ما ركعت فاقضها في الركعة الثالثة وان نسيت السجدتين جميعا من الركعة الأولى فأعد صلاتك فإنه لا تثبت صلاتك ما لم تثبت الأولى وان نسيت سجدة من الركعة الثانية وذكرتها في الثالثة قبل الركوع فأرسل نفسك واسجدها (وان ذكرتها بعد الركوع فاقضها في الركعة الرابعة وان كان السجدة من الركعة الثالثة وذكرتها في الرابعة فأرسل نفسك واسجدها) ما لم تركع فان ذكرتها بعد الركوع فامض في صلاتك واسجدها بعد التسليم انتهى فربما يغلب على الظن اعتماده على هذا الكتاب ولكنك خبير بأنه على تقدير صحة الاعتماد عليه لا يصلح لمعارضة المعتبرة المستفيضة المشهورة فما ذهب إليه المشهور هو الأقوى واما وجوب قضاء التشهد فهو المشهور أيضا كما صرح به في الحدائق وغيره ولكن في الحدائق قول كلماتهم على التشهد الأول للتفصيل الواقع في كلامهم بكون الذكر قبل الركوع أو بعده كما في المتن وغيره لكن صرح بعض بعدم الفرق بين التشهد الأول والأخير بل ربما استظهر من كلماتهم في لقائل بالفرق بينهما ولكنك عرفت فيما سبق انه لا يبعد الالتزام بالتلافي في الثاني ما لم يأت بالمنافي بعد التسليم وحكى عن الصدوقين والمفيد في الغرية القول بأنه يجزي التشهد الذي في سجدتي السهو عن القضاء واختار هذا القول صريحا في الحدائق واستدل عليه بما في الفقه الرضوي من قوله عليه السلام وان نسيت التشهد في الركعة الثانية فذكرت في الثالثة فأرسل نفسك وتشهد ما لم تركع فان ذكرت بعد ما ركعت فامض في صلاتك فإذا سلمت سجدت سجدتي السهو وتشهدت فيهما ما قد فاتك وأيده أيضا ببعض المؤيدات التي سيأتي الإشارة إليها وعن الصدوق في الفقيه التعبير بعبارة الرضوي المتقدم وهو ظاهر في التوظيف لا الترخيص كما يوهمه نسبة القول بالاجتزاء إليه واستدل للمشهور بما عن الخلاف والغنية والمقاصد العلية من دعوى الاجماع عليه وفيه منع حجيته وبعموم صحيحتي ابن سنان وحكم بن حكيم المتقدمتين الدالتين على وجوب قضاء كل ما فاته مقتصرا في تخصيصه على القدر الثابت وفيه ما عرفته من الاشكال في الاخذ بهذا العموم وبصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهد حتى ينصرف فقال إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد والا طلب مكانا نظيفا فيه وقال انما التشهد سنة في الصلاة وخبر علي بن أبي حمزة قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا قمت في الركعتين الأولتين ولم تتشهد فذكرت قبل ان تركع فاقعد فتشهد وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك كما أنت فإذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيها ثم تشهد التشهد الذي فاتك وناقش في الحدائق في الاستدلال بالصحيحة بان موردها التشهد الأخير ومحل البحث في الأخبار وكلام الأصحاب انما هو التشهد الأول للتفصيل الواقع في الأخبار وكلامهم بكون الذكر قبل الركوع أو بعده وفي خبر علي بن أبي حمزة بان موردها وان كان التشهد الأول الا ان ظاهرها ان هذا التشهد الذي بعد الفراغ انما هو تشهد سجدتي السهو انه يقصد به التشهد الذي فاته فهو بالدلالة على خلاف مرادهم انسب مع أن المفهوم من كلامهم ان الواجب هو الاتيان بالاجزاء المنسية أولا ثم سجود السهو لها ومقتضى هذه الرواية بناء على ما يدعونه هو تقديم سجود السهو على قضاء الاجزاء فلا يتم الاستناد إليها من هذه الجهة أقول دعوى ان الصحيحة موردها التشهد الأخير قابلة للمنع فإنه (مجرد دعوى والا فندرة تحقق الفراغ مع نسيان التشهد الأخير لو لم تكن صالحة لصرفها إلى إرادة الأول فلا أقل من كونها) موجبة لعدم انصراف السؤال إلى خصوص الثاني كي ينزل عليه اطلاق الجواب ولو سلم ان موردها خصوص الأخير لكان الخدشة في دلالتها بامكان إرادة التلافي دون القضاء أولى كي لا يتوجه عليه دعوى تمامية الاستدلال بها للتشهد الأول بعدم القول بالفصل فليتأمل واما خبر علي بن أبي حمزة فظهوره في وجوب تدارك التشهد المنسي غير قابل للانكار ولكنه مشعر وظاهر في إرادة الاتيان به مكان التشهد السجدتين حسبما وقع التصريح به في الرضوي فالانصاف ان تنزيله على مذهب الخصم أوفق بظاهره من تطبيقه على مذهب المشهور الذين لا يلتزمون مما تضمنه من تأخير القضاء عن السجود ومما يشهد لهم أيضا موثقة أبي بصير قال سئلته عن الرجل ينسى ان يتشهد قال يسجد سجدتين يتشهد فيهما وخبر الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يصلي ركعتين من الوتر ثم يقوم فينسى التشهد حتى يركع فيذكر وهو راكع قال يجلس من ركوعه يتشهد ثم يقوم فيتم قال قلت أليس قلت في الفريضة إذا
(٥٥١)