فيه على الظاهر كما اعترف به في المدارك والحدائق ويدل عليه جملة من الأخبار منها ما عن الشيخ في الصحيح عن الحرث بن المغيرة النضري قلت لأبي عبد الله عليه السلام انا صلينا المغرب فسهى الامام فسلم في ركعتين فأعدنا الصلاة قال ولم أعدتم أليس قد انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله في ركعتين فأتم بركعتين الا أتممتم وما عن الكافي والتهذيب عن أبي بكر الحضرمي قال صليت بأصحابي المغرب فلما ان صليت ركعتين فقال بعضهم انما صليت ركعتين فأعدت (فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام فقال لعلك أعدت فقلت نعم فضحك ثم قال انما يجزيك ان تقوم وتركع ركعة وزاد) في التهذيب ان رسول الله صلى الله عليه وآله سهى فسلم في ركعتين ثم ذكر حديث ذي الشمالين فقال ثم قام فأضاف إليها ركعتين وعن الشيخ في الصحيح عن العيص قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد سجدتين وعنه في موضع اخر انه رواه بتغيير في السند وفيه ويسجد سجدتي السهو وخبر الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت أجئ إلى الامام وقد سبقني بركعة في الفجر فلما سلم وقع في قلبي اني أتممت فلم أزل اذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس فلما طلعت الشمس نهضت فذكرت ان الامام قد سبقني بركعة قال فان كنت في مقامك فأتم بركعة وان كنت قد انصرفت فعليك الإعادة و موثقة عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل صلي ثلاث ركعات وهو يظن أنها اربع فلما سلم ذكر انها ثلاث قال يبني على صلاته متى ذكر ويصلي ركعة ويتشهد ويسلم ويسجد سجدتي السهو وقد جازت صلاته إلى غير ذلك من الأخبار الآتية واستدل له أيضا مع الغض عن الاجماع والاخبار بالأصل السالم عن المعارض وفيه ان النصوص الدالة على حصول الانصراف قهرا بفعل السلام ولو في أثناء الصلاة حاكم على هذا الأصل ولكنه يرفع اليد عما يقتضيه تلك النصوص بالاجماع والاخبار المزبورة ونظائرها مما يدل على أن تخلل التسليم في المقام بمنزلة صدوره سهوا غير مانع عن الانضمام فليتأمل وان ذكر بعد ان (فعل ما) يبطلها عمدا وسهوا كالحدث أعاد على المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد من قدماء أصحابنا عدى ما حكاه غير واحد عن الصدوق في كتابه المقنع من أنه قال إن صليت ركعتين من الفريضة ثم قمت فذهبت في حاجة لك فأضف إلى صلاتك ما نقص ولو بلغت الصين ولا تعد الصلاة فان إعادة الصلاة في هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرحمن واستدل للمشهور مضافا إلى ما دل على انقطاع الصلاة وبطلانها بالحدث ونحوه بجملة من الأخبار منها ما عن الشيخ في الصحيح عن جميل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم قام قال يستقبل قلت فما يروي الناس فذكر له حديث ذي الشمالين فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبرح من مكانه ولو برح استقبل وعن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهم السلام قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه قد فاتته (ركعة قال يعيد) ركعة واحدة يجوز له ذلك إذا لم يحول وجهه عن القبلة فإذا حول وجهه عن القبلة فعليه ان يستقبل صلاته استقبالا وعن أبي بصير في الموثق قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم قام فذهب في حاجة قال يستقبل الصلاة قلت فما بال رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستقبل حين صلى ركعتين فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينتقل من موضعه وعن سماعة في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال قلت أرأيت من صلى ركعتين وظن أنها اربع فسلم وانصرف ثم ذكر بعد ما ذهب انه صلى ركعتين قال يستقبل الصلاة من أولها قلت فما بال رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستقبل الصلاة وانما أتم لهم ما بقي من صلاته فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبرح من مجلسه فإن كان لم يبرح من مجلسه فليتم ما بقي من صلاته إذا كان قد حفظ الركعتين الأولتين و يدل عليه أيضا خبر الحسين بن أبي العلاء المتقدم ويشهد للقول المحكى عن الصدوق اخبار كثيرة منها صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر بعد ذلك أنه فاتته ركعة (قال يعيدها ركعة) واحدة وتقييده بما إذا لم يصدر منه فعل كثير ولم يحول وجهه عن القبلة بعيد وصحيحة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعة من الغداة ثم انصرف وخرج في حوائجه ثم ذكر انه صلى ركعة قال يتم ما بقي وموثقة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الغداة ركعة ويتشهد ثم ينصرف ويذهب ويجيئ ثم يذكر بعده انه انما صلى ركعة قال يضيف إليها ركعة ونقل عن الشيخ انه حمل هذه الأخبار على ما إذا لم يحصل الاستدبار ولا يخفى ما فيه من البعد وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثم ذكر وهو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان انه صلى ركعتين قال يصلي ركعتين وعن الشيخ انه حمله على من لم يذكر يقينا بل ظنا وحمل الاتمام على الاستحباب وجوز حمله على النوافل ولا يخفى ما فيهما من البعد وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يذكر بعد ما قام وتكلم ومضى في حوائجه انه انما صلى ركعتين من الظهر والعصر والعتمة والمغرب قال يبني على صلاته فيتمها ولو بلغ الصين وفي المدارك بعد ان نقل جل هذه الأخبار ونسب إلى ابن بابويه في كتابه المقنع الافتاء بمضمون موثقة عمار قال ما لفظه وأجاب الشيخ رحمه الله تعالى في كتابي الأخبار عن هذه الروايات بالحمل على النافلة أو على أنه لم يتيقن الترك وهو بعيد جدا ويمكن الجمع بينهما بحمل هذه على الجواز وما تضمن الاستيناف على الاستحباب انتهى وحكى عن جملة ممن تأخر عنه متابعته في هذا التوجيه اي حمل هذه الروايات على الجواز وما تضمن الاستيناف على الاستحباب وفي الحدائق حكى عن جملة من المتأخرين منهم المحدث المجلسي انه احتملوا حمل هذه الأخبار على التقية ثم قال وهو جيد لما عرفت من أن الحمل على ذلك لا يتوقف على وجود القائل به من المخالفين انتهى ما في الحدائق وربما يستشعر من كلامه مخالفة هذه الرواية لمذهب المخالفين أيضا ولكنه مع ذلك استجود حمله على التقية بناء على ما أصله في مقدمات كتابه من أن التقية هي الأصل في اختلاف الأخبار ولا يشترط في حمل الرواية عليها موافقتها للعامة وكيف كان فالحق هو ان الأخبار الواردة في هذه المسألة من الأخبار المتعارضة التي أمرنا فيها باعمال قاعدة التراجيح لا الجمع كي نتكلف في تويجهها عمل هذه الأخبار على الجواز وما تضمن الاستيناف على الاستحباب إذ لا يكفي في جواز الجمع بين الأخبار مجرد امكانه بأي وجه حصل ولو بالتصرف في ظاهر كل من المتعارضين بلا شاهد داخلي
(٥٤١)