إلى الإمام إذا لم يكن فقراء أو كان فيها فضل عن حاجتهم، وقال أيضا: لا تخرج صدقة قوم عنهم من بلد إلى بلد الا أن يكون فيها فضل عنهم، لأن الذي كان يجئ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر من الصدقة إنما كان عن فضل عنهم يعطون ما يكفيهم ويخرج الفضل عنهم. وروى أبو عبيد في كتاب الأموال باسناده عن عمرو بن شعيب ان معاذ بن جبل لم يزل بالجند إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدم على عمر فرده على ما كان عليه فبعث إليه معاذ بثلث صدقة الناس فأنكر ذلك عمر وقال:
لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية لكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد على فقرائهم، فقال معاذ: ما بعثت إليك بشئ وأنا أجدا أحدا يأخذه مني. فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة فتراجعا بمثل ذلك فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها فراجعه عمر بمثل ما راجعه فقال معاذ: ما وجدت أحدا يأخذ مني شيئا، وكذا إذا كان ببادية ولم يجد من يدفعها إليه فرقها على فقراء أقرب البلاد إليه (فصل) قال أحمد في رواية محمد بن الحكم: إذا كان الرجل في بلد وماله في بلد فأحب إلي أن تؤدى حيث كان المال، فإن كان بعضه حيث هو وبعضه في مصر يؤدي زكاة كل مال حيث هو فإن كان غالبا عن مصره وأهله والمال معه فأسهل أن يعطي بعضه في هذا البلد وبعضه في البلد الآخر، فاما إذا كان المال في البلد الذي هو فيه حتى يمكث فيه حولا تاما فلا يبعث بزكاته إلى بلد آخر، فإن كان المال تجارة يسافر به فقال القاضي: يفرق زكاته حيث حال حوله في أي موضع كان، ومفهوم كلام أحمد في اعتباره الحول التام انه يسهل في أن يفرقها في ذلك البلد وغيره من البلد ان التي أقام بها في ذلك الحول، وقال في الرجل يغيب عن أهله الزكاة يزكيه في الموضع الذي كثر مقامه فيه فأما زكاة الفطر فإنه يفرقها في البلد الذي وجبت عليه فيه سواء كان ماله أو لم يكن لأنه سبب وجوب الزكاة ففرقت في البلد الذي سببها فيه (فصل) والمستحب تفرقة الصدقة في بلدها ثم الأقرب فالأقرب من القرى والبلدان. قال احمد في رواية صالح: لا بأس أن يعطي زكاته في القرى التي حوله ما لم نقصر الصلاة في أثنائها ويبدأ بالأقرب فالأقرب، وإن نقلها إلى البعيد لتحري قرابة أو من كان أشد حاجة فلا بأس ما لم يجاوز مسافة القصر.