يعطيهم بقدر أجرتهم والإمام مخير إذا بعث عاملا ان شاء استأجره إجارة صحيحة ويدفع إليه ما سمى له، وان شاء بعثه بغير إجارة ويدفع إليه أجر مثله، وهذا كان المعروف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يبلغنا انه قاطع أحدا من العمال على أجر وقد روى أبو داود باسناده عن ابن الساعدي قال استعملني عمر على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي عمالة فقلت إنما عملت لله وأجري على الله قال خذ ما أعطيت فانى قد عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني فقلت مثل قولك فقال لي رسول الله صلى الله عليه سلم (إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأله فكل وتصدق) (فصل) ويعطى منها أجر الحاسب والكاتب والحاشد والخازن والحافظ والراعي ونحوهم فكلهم معدو دون من العالمين عليها، ويدفع إليهم من حصة العالمين عليها فأما أجر الوزان والكيال ليقبض الساعي الزكاة فعلى رب المال لأنه من مؤنه دفع الزكاة (فصل) ولا يعطى الكافر من الزكاة الا لكونه مؤلفا على ما سنذكره ويجوز أن يعطى لانسان ذا قرابة من الزكاة لكونه غازيا أو غارما في اصلاح ذات البيت أو عاملا ولا يعطى لغير ذلك وقد روى أبو داود باسناده عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا تحل الصدقة لغني الا لخمسة لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو رجل ابتاعها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فاهدى المسكين إلى الغني) ورواه أيضا عن عطاء عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم (فصل) وإن اجتمع في واحد أسباب تقتضي الاخذ بها جاز أن يعطى بها، فالعمل الفقير له أن يأخذ عمالته، فإن لم تغنه فله أن يأخذ ما يتم به غناه، فإن كان غازيا فله أخذ ما يكفيه لغزوه، وإن كان غاز ما أخذ ما يقضي به غرمه لأن كل واحد من هذه الأسباب يثبت حكمه بانفراده فوجود غيره لا يمنع ثبوت حكمه كما لم يمنع وجوده، وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا كان له مائتان وعليه مثلها لا يعطى من الزكاة لأن المغني خمسون درهما وهذا يدل على أنه يعتبر أنه في الدفع إلى الغارم أن يكون فقيرا، فإذا أعطي لأجل العزم وجب صرفه إلى قضاء الدين، وإن أعطي للفقير جاز أن يقضي به دينه
(٥١٨)