عليكم في الدين من حرج) وقد اعتبر الشرع ذلك بايجاب غير الجنس فيما دون خمس وعشرين من الإبل وجعل الأوقاص في السائمة وضم الأرباح والنتاج إلي حول أصلها مقرونا بدفع هذه المفسدة فيدل على أنه علة لذلك فيجب تعدية الحكم إلى محل الزاع. وقال مالك كقوله في السائمة دفعا للتشقيص الواجب وكقولنا في الأثمان لعدم ذلك فيها.
ولنا حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في مال يحول عليه الحول) وروى الترمذي عن ابن عمر أنه قال: من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول، وروي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم الا أن الترمذي قال: الموقوف أصح وإنما رفعه عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم وهو ضعيف وقد روي عن أبي بكر الصديق وعلي وابن عمر وعائشة وعطاء وعمر بن عبد العزيز وسالم والنخعي أنه لا زكاة في المستفاد حتى يحول عليه الحول، ولأنه مملوك أصلا فيعتبر فيه الحول شرطا كالمستفاد من غير الجنس ولا تشبه هذه الأموال الزروع والثمار لأنها تتكامل ثمارها دفعة واحدة ولهذا لا تتكرر الزكاة فيها، وهذه نماؤها بنقلها فاحتاجت إلى الحول.
وأما الأرباح والنتاج فإنما ضمت إلى أصلها لأنها تبع له ومتولدة منه ولا يوجد ذلك في مسئلتنا وان سلمنا أن علة ضمها ما ذكروه من الحرج فلا يوجد ذلك في مسئلتنا لأن الأرباح تكثر وتتكرر في الأيام والساعات، وبعسر ضبطها وكذلك النتاج وقد يوجد ولا يشعر به فالمشقة فيه أتم لكثرة تكرره بخلاف هذه الأسباب المستقلة فإن الميراث والاغتنام والانهاب ونحو ذلك يندر ولا يتكرر فلا يشق ذلك فيه، فإن شق فهو دون المشقة في الأرباح والنتاج فيمتنع قياسه عليه، واليسر فيما ذكرنا أكثر لأن الانسان يتخير بين التأخير والتعجيل وما ذكروه يتعين عليه التعجيل، ولا شك أن التخير بين شيئين أيسر من تعيين أحدهما لأنه مع التخيير فيختار أيسرهما عليه وأحبهما إليه، ومع التعيين يفوته ذلك وأما ضمه إليه في النصاب فلان النصاب معتبر لحصول الغنى، وقد حصل الغنى بالنصاب الأول والحول معتبر لا سيما المال ليحصل أداء الزكاة من الربح ولا يحصل ذلك بمرور الحول على أصله فوجب أن يعتبر الحول له.