الفريضة مثل من وجب عليه ابنتا لبون، وعنده حواران صحيحا كان عليه شراء صحيحتين فيخرجهما، وإن وجبت عليه حقتان وعنده ابنتا لبون صحيحتان خير بين إخراجهما مع الجبران وبين شراء حقتين صحيحتين على قدر قيمة المال، وإن كان عنده جذعتان صحيحتان فله اخراجهما مع أخذ الجبران، وإن كانت عليه حقتان ونصف ماله صحيح ونصفه مريض فقال ابن عقيل: له اخراج حقة صحيحة وحقة مريضة لأن النصف الذي يجب فيه إحدى الحقتين مريض كله، والصحيح في المذهب خلاف هذا لأن في ماله صحيحا ومريضا فلم يملك اخراج مريضة كما لو كان نصابا واحدا ولم يتغير النصف الذي وجبت فيه الحقة في المراض، وكذلك لو كان لشريكين لم يتعين حق أحدهما في المراض دون الآخر، وإن كان النصاب مراضا. كله فالصحيح في المذهب جواز اخراج الفرض منه ويكون وسطا في القيمة والاعتبار بقلة العيب وكثرته لأن القيمة تأتي على ذلك وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمد. وقال مالك: إن كانت كلها جربا أخرج جرباء، وإن كانت كلها هتماء كلف شراء صحيحة. وقال أبو بكر: لا تجزئ إلا صحيحة لأن احمد قال: لا يؤخذ إلا ما يجوز في الأضاحي، وللنهي عن أخذ ذات العوار، فعلى هذا يكلف شراء صحيحة بقدر قيمة المريضة ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (إياك وكرائم أموالهم) وقال (إن الله تعالى لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره) رواه أبو داود، ولان مبنى الزكاة على المواساة وتكليف الصحيحة عن المراض اخلال بالمواساة، ولهذا يأخذ من الردى من الحبوب والثمار من جنسه ويأخذ من اللئام والهزال من المواشي من جنسه كذا ههنا، وقد ذكرنا أن الاستثناء في الحديث يدل على جواز اخراج المعيبة في بعض الأحوال أو نحمله على ما إذا كان فيه صحيح فإن الغالب الصحة، وإن كان جميع النصاب مريضا إلا بعض الفريضة أخرج الصحيحة وتمم الفريضة من المراض على قدر المال ولا فرق في هذا بين الإبل والبقر والغنم والحكم في الهرمة كالحكم في المعيبة سواء
(٤٧٥)