فهي ناظرة إلى رعاية حال اليتيم وواردة في مقام التوسعة له والامتنان عليه، لأنه تعالى قد رخص في الاتجار بماله لأي أحد مع كون ربح التجارة له ووضيعتها على التاجر، ولعل النكتة في ذلك هو أن لا يقرب أحد مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن.
ولا شبهة في أن هذا حكم تعبدي محض وغير مربوط بالفضولي أصلا، ولا تنطبق عليه القواعد، ولا أن صحة المعاملة المزبورة متوقفة على إجازة الولي لو كان التاجر غيره حتى يتوهم أنها كيف تكون صحيحة مع عدم لحوق الإجازة بها، إذ لو كانت هي فضولية وموقوفة على إجازة الولي لاختصت باليتيم في صورة الإجازة وكانت الوضيعة عليه والربح له وكانت باطلة من أصلها في صورة الرد.
وعلى كل حال فلم يكن وجه لكون الربح لليتيم والوضيعة على التاجر، فيعلم من ذلك كله أن الروايات محمولة على التعبد الصرف.
وقد يقال إن كون الاتجار بمال اليتيم فضوليا لا يستلزم التوقف على إجازة الولي، بل يمكن أن يكون ذلك فضوليا ومجازا من قبل الله تعالى وقد وصلت إلينا هذه الإجازة بواسطة سفرائه الكرام، وعليه فتحمل الروايات المتقدمة على هذه الناحية.
ويرد عليه أن ادخال التجارة بمال اليتيم في الفضولية بالإجازة الإلهية يوجب خروجها عن ذلك جزما، ضرورة أن تلك الإجازة موجودة حال العقد لا أنها تلحق به لكي توجب اندراج مورد الروايات في عقد الفضولي، ولعله لأجل هذا أمر المصنف بالتأمل، وهذا المطلب ظاهرا ينافي لما تقدم من أن الإذن غير الواصل لا يخرج العقد عن الفضولية وإن كان الإذن موجودا حال العقد.
فتحصل من جميع ما ذكرناه أن الروايات الواردة في الاتجار بمال اليتيم أجنبية عما نحن فيه بالكلية.