آخر، وحينئذ فتتحقق الزنا بذات البعل، وهذا بخلاف ما لو حكم بصحة النكاح وابقائه فإنه حينئذ لو كان باطلا في الواقع فلا يلزم منه إلا الزنا بغير ذات البعل، ومن الظاهر أن هذا أهون من الزنا بذات البعل، فالإمام (عليه السلام) قد جعل الأخذ بأخف المحذورين احتياطا في الموارد المشتبهة من الأعراض - انتهى ملخص كلامه.
والتحقيق أن الرواية أجنبية عما أفاده المصنف، وأن كلام القوم غير مبني على الاحتياط، لا في البيع ولا في النكاح، لا من حيث الفتوى ولا من حيث العمل، بل الرواية ناظرة إلى جهة أخرى غير ما يرومه المصنف، وبيان ذلك:
إن حكم هؤلاء بصحة البيع مع الجهل بعزل الوكيل وإن كان موافقا للواقع ولكنه حرام، لأنهم لم يستندوا فيه إلى الاحتياط لكي يجيب عنه الإمام (عليه السلام) بأن النكاح أولى وأجدر بالاحتياط فيكون أولى بالصحة، بل استندوا في ذلك إلى الاستحسان الذي يقتضي الصحة في البيع والبطلان في النكاح.
ولا ريب أن الاستناد إلى الاستحسان في مقام الفتوى حرام، لأنه فتوى بلا علم ولا هدى من الله ولا كتاب منير، ومن الواضح أن الفتوى بلا علم حرام بالأدلة الأربعة، هذا من حيث الفتوى، أما من حيث العمل فلا شبهة في أن حكمهم بصحة البيع لا يوافق الواقع دائما حتى موافقا للاحتياط، بل البيع مردد بين وقوعه وعدم وقوعه، وحينئذ فأمره دائر بين المحذورين فلا احتياط في البين، وهكذا الحال في النكاح أيضا طابق النعل بالنعل، ضرورة أن حكمهم ببطلانه غير مبني على الاحتياط، بل إنما هو مبني على الاستحسان.
وعليه فحكمهم ببطلانه حرام لكونه فتوى بلا علم، وأنه في نفسه إما