المصنف: وأما حديث رفع القلم ففيه: أولا: إن الظاهر منه قلم المؤاخذة لا قلم جعل الأحكام، ولذا بنينا كالمشهور على شرعية عبادات الصبي.
ويرد عليه أن العقوبة والمؤاخذة - كالمثوبة والأجرة - من الأمور التي لا صلة لها بعالم الجعل بوجه بل هي مترتبة على الجعل ترتب الأثر على ذي الأثر، وعليه فلا معنى لتعلق الرفع بما لم يتعلق به الجعل، نعم ترتفع العقوبة بارتفاع منشئها أعني به التكاليف الالزامية، ولكنه غير رفع المؤاخذة ابتداء، أما مشروعية عبادات الصبي فغريبة عن الحديث بالكلية وإنما هي من جهة الروايات الخاصة وقد عرفتها قريبا.
والتحقيق في الجواب أن يقال: إن حديث رفع القلم عن الصبي إنما يدل على رفع الأحكام الإلزامية المتوجهة إلى الصبيان كتوجهها إلى غيرهم، فإن هذا هو الموافق للامتنان.
ومن الواضح أن مجرد اجراء الصيغة ليس من الأحكام الإلزامية ولا موضوعا لها لكي يرتفع بحديث الرفع، وإنما الموضوع لها هو نفس المعاملة التي أوجدها المتعاملان، وإذن فما هو موضوع للأحكام الالزامية لم يصدر من الصبي لكي يشمله حديث الرفع، وما هو صادر منه ليس بموضوع لها، وهذا ظاهر.
وعلى الجملة أن ارتفاع قلم التكليف عن الصبي لا ينافي الالتزام بصحة العقود والايقاعات الصادرة منه، بل إن رفع القلم عن الصبي لا يدل