أحد فيما نعلم إلا الحنفية، فإنهم ذهبوا إلى جواز استقلال الصبي في بعض التصرفات، وقد ذكرنا رأيهم في الحاشية آنفا.
ويدل على رأينا هذا قوله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم (1).
ووجه الدلالة هو أن الله تعالى سجل اعتبار الرشد في جواز تصرفات الصبي في أمواله مستقلا بعد تسجيله اعتبار البلوغ فيه، ومن الواضح جدا أنه لو كان الرشد بوحدته كافيا في جوازها بدون إذن الولي لكان اعتبار البلوغ في ذلك قبل الرشد لغوا محضا.
فيعلم من ذلك أن نفوذ تصرفات الصبي يتوقف على أمرين: البلوغ والرشد، وإذن فالآية الكريمة دالة على المنع عن تصرفات الصبي قبل البلوغ وإن كان رشيدا.
وقد ظهر مما ذكرناه أن ما ذكره المحقق الإيرواني على خلاف الظاهر من الآية، وإليك نصه:
لا يبعد استفادة أن المدار في صحة معاملات الصبي على الرشد من الآية: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم، على أن تكون الجملة الأخيرة استدراكا عن صدر الآية وأنه مع استيناس الرشد لا يتوقف في دفع المال ولا ينتظر البلوغ، وأن اعتبار البلوغ طريقي اعتبر أمارة إلى الرشد بلا موضوعية له (2).
وقد استدل بهذه الآية المباركة على نفوذ تصرفات الصبي قبل البلوغ، بدعوى أن قوله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، يقتضي أن الابتلاء إنما يحصل قبل البلوغ، والمراد من هذا الابتلاء اختبار حاله في