أما الوجهان الأولان فقد ذكر المصنف (رحمه الله) أنهما مبنيان على أن الأحكام الظاهرية هل هي بمنزلة الأحكام الواقعية الاضطرارية لكي تكون نسبة الأمارات القائمة عليها نسبة الأسباب إلى مسبباتها ونسبة الموضوعات إلى أحكامها، أم هي أحكام عذرية بمعنى أن العامل بها يكون معذورا في عمله لا أنها أحكام حقيقية قبال الأحكام الواقعية، غاية الأمر يكون العامل بها معذورا في عمله قبل كشف الخلاف.
وعلى الأول، فالمؤثر عند أحدهما مؤثر عند صاحبه أيضا، ولو كان أحدهما مخالفا للآخر.
وعلى الثاني فلا يترتب عليه أثرا أصلا ورأسا، لأن المنشئ وإن رأى ترتب الأثر على انشائه إلا أن صاحبه يراه مخطئا في اجتهاده ولاغيا في انشائه، وحينئذ فلا يترتب عليه الأثر في نظره.
هذا كله فيما إذا كان بطلان العقد عند كل من المتعاقدين المتخالفين مستندا إلى فعل الآخر كالعربية والصراحة والماضوية والترتيب، أما الموالاة والتنجيز وبقاء المتعاقدين على صفات صحة الانشاء إلى آخر العقد، فالظاهر أن اختلافهما في ذلك يوجب فساد العقد، ضرورة أن فساد القعد من ناحية الأمور المذكورة يسري من أحد الجانبين إلى الجانب الآخر.