من قامت عنده الأمارة على الحلية دون غيره ممن لم تقم الأمارة عنده، وإذن فليس لغيره ترتيب أثر الحلية إذا كان من في يده العصير يرى حليته.
وهذا بخلاف الأحكام الوضعية فإنها إذا تحققت في حق أحد - ولو من جهة قيام الأمارة عنده - تحققت في حق الجميع، فإذا اشترى من يرى جواز العقد بغير العربي شيئا بالعقد الفارسي حكمنا بكونه ملكا له واقعا، بناءا على القول بالسببية والموضوعية، ومع تحقق الملكية واقعا في اعتبار الشارع - كما هو المفروض - جاز لكل أحد ترتيب الأثر على تلك الملكية، وحينئذ فيكون اجتهاد أحد نافذا في حق غيره أيضا، ومن هنا لا يكون - في هذه الموارد - كشف خلاف أصلا بل بتبدل الرأي يتبدل الموضوع لا محالة.
وقد اتضح مما بيناه الفارق بين المقام وبين ما إذا قامت الأمارة على وجوب صلاة الجمعة - مثلا - فإن قيام الأمارة وإن كان يوجب - على الفرض - أن تكون صلاة الجمعة واجدة للمصلحة الالزامية إلا أنه لا يقتضي أن تكون المصلحة الموجودة فيها بدلا عن المصلحة الواقعية، وعلى هذا فإذا انكشف الخلاف علم منه أن المصلحة الواقعية باقية على حالها فيجب تحصيلها، وليست في باب المعاملات مصلحة لازمة التحصيل لكي يجري فيها هذا البيان - انتهى ملخص كلامه.
أقول: هذا الذي أفاده المحقق المزبور وإن كان متينا بناءا على السببية، إلا أنا ذكرنا في مبحث الجمع بين الأحكام الظاهرية والأحكام الواقعية من علم الأصول أن الالتزام بالموضوعية والسببية حتى السببية السلوكية - التي اخترعها المصنف في رسائله - مستلزم للتصويب.
وإذن فلا يمكن الالتزام بذلك، فلا مناص وقتئذ عن القول بالطريقية