وعليه فكون الكلام محرما ومحللا بلحاظ أن المثمن يكون حراما على البائع وحلالا للمشتري، وأن الثمن يكون حراما على المشتري وحلالا للبائع.
ولكن هذا التوهم فاسد، إذ الظاهر من الرواية أن المحرمية والمحللية من أوصاف الكلام اللفظي دون الالتزام النفسي، على أن هذا المعنى لا يجتمع مع الروايات الواردة في المزارعة الظاهرة في أن الكلام المحرم غير الكلام المحلل، وقد تقدمت هذه الروايات قريبا في الحاشية.
وقد تجلى لك من جميع ما ذكرناه فساد الوجه الرابع الذي ذكره المصنف، بأن يراد من الكلام المحلل خصوص المقاولة، ومن الكلام المحرم خصوص انشاء البيع.
ووجه الفساد أن الكلام المحرم غير مربوط بانشاء البيع كما في روايات المزارعة، على أن لازمه أن يراد من الكلام في الفقرتين الكلام المعهود لكي يكون كل من الكلام المحلل والكلام المحرم ممتازا عن الآخر.
ومن الواضح أنه لا قرينة على هذه الدعوى، لا في هذه الرواية التي هي مورد بحثنا، ولا في روايات المزارعة، ولا في غيرهما من الروايات.
وأما الوجه الثالث الذي ذكره المصنف، بأن يكون الكلام الواحد باعتبار وجوده محرما وباعتبار عدمه محللا، فهو وإن كان يناسب ما نحن فيه، وروايات المزارعة أيضا كما هو ظاهر، ولكن يرد عليه أن الظاهر من قوله (عليه السلام): إنما يحرم الكلام ويحلل الكلام، أن المؤثر التام في الحرمة والحلية إنما هو وجود الكلام، لا أن وجوده محرم وعدمه محلل، على أن ذلك يستلزم التفكيك بين الفقرتين، فهو أمر مستهجن فلا يصدر من المعصوم.