شئ من تلك الموارد إلى أدلة حرمة التصرف في مال غيره، إذ المفروض أن المالك قد أذن للأخذ أن يتصرف في المأخوذ بالمعاطاة، ومعه لا يبقى مجال للرجوع إلى تلك الأدلة.
وإن شئت قلت: إن جواز التصرف في نفسه إنما ثبت بما دل عليه من أمارة أو أصل، ومن الظاهر أن حرمة التصرف فيه بما أنه مال غيره مرتفعة بإجازة المالك وإذنه على الفرض، وإذن فالمقتضي موجود والمانع مفقود.
وعلى هذا فلا يعتبر في المعاطاة المقصود بها الإباحة أي شرط من شروط البيع، وحينئذ فلو أعطى أحد لغيره ألف دينار بإزاء دينار واحد لم يلزم منه الرباء.
الناحية الثانية: أنه إذا قصد المتعاطيان بالأخذ والاعطاء التمليك والتملك ولم تحصل الملكية في الخارج، ولكن حكم الشارع بجواز التصرف في المأخوذ بالمعاطاة فهل يعتبر فيها شروط البيع.
قد ذكر المصنف أن المعاطاة المقصود بها الملك بيع عرفي وإن ترتبت عليه الإباحة الشرعية، وحينئذ فيعتبر فيها ما يعتبر في البيع من الشروط كلها، نعم قد وقع في بعض الكلمات أن هذا ليس بيع، إلا أن المراد من ذلك نفي اللزوم لا نفي البيع حقيقة - انتهى ملخص كلامه.
وتحقيق ما أفاده المصنف بوجهين:
1 - إنا ذكرنا مرارا عديدة أن المعاطاة المقصود بها الملك بيع عرفي، فتكون مشمولة للعمومات الدالة على صحة البيع ولزومه، وعليه فلا بد من الالتزام بكونها مفيدة للملك من أول الأمر، نعم قام الاجماع التعبدي على أن الشارع المقدس لم يمض البيع المعاطاتي على النحو الذي قصده المعاطيان بمجرد حصول التعاطي الخارجي، بل أمضاه بعد تحقق شئ ما من التصرف وغيره.