ولا يخفي عليك أن أساس الاستدلال بالخبر المذكور على عدم لزوم المعاطاة، أو على عدم إفادتها الملكية، أو على عدم إفادتها إباحة التصرف مبني على الوجه الأول.
وبيان ذلك أنه يستفاد من ذلك الخبر أن المحلل والمحرم في الشريعة المقدسة إنما هو منحصر في الألفاظ المبرزة للمقاصد، وأنه لا يقع التحليل والتحريم بالقصد الساذج غير المبرز بمبرز ولا بالقصد المبرز بغير الألفاظ.
وعلى هذا فلا وجه لما التزم به صاحب الرياض (1) من الاستدلال بالخبر المزبور على عدم لزوم المعاطاة، جمعا بينه وبين ما دل على صحة مطلق البيع.
ويرد عليه:
أولا: إن حصر المحلل والمحرم في الكلام يستلزم التخصيص بالأكثر، لكثرة المحلل والمحرم في الشريعة المقدسة من غير الألفاظ، ضرورة أن تنجس المأكولات والمشروبات محرم، وتطهيرها محلل، والتذكية محللة وعدمها محرم، وغليان العصير العنبي محرم وذهاب ثلثيه محلل، وصيرورة العصير خمرا محرم وتخليلها محلل، والجلل محرم لما يؤكل لحمه واستبراؤه محلل، وخلط المال الحرام بالمال الحلال محرم وتخميسه محلل.
وأيضا وطي الحيوان الذي يؤكل لحمه محرم، والدخول بالمرأة محرم لتزويج بنتها، والايقاب في الغلام محرم لتزويج أمه وبنته وأخته، وأيضا قد جوز الشارع المقدس التصرف في أموال الناس في موارد شتى من دون أن يكون فيها محلل كلامي، وذلك كالتصرف في الأراضي