أمتعتهم إلى سوق مكارة ويتسوقون فيها ثم يرجعون إلى أهاليهم فإنه وان صدق على مثل هذه الاشخاص أيضا لدى تلبسهم بالسفر الذي اتخذوه صنعة ان هذا السفر عملهم لكن لا يبعد دعوى انصراف اطلاق قوله عليهم السلام لأنه عملهم عن عمل مثل هذه الاشخاص الذين لا يتكرر صدوره منهم ولا يواظبون عليه الا في كل سنة مرة والا فلا فرق بين من كان شغله وكسبه حمل الحجيج أو الاستيجار للحج وبين ان يكون شغله وكسبه ان يسافر من بغداد في كل سنة إلى زيارة الحسين عليه السلام في يوم عرفة الا من حيث طول مدة السفر في الأول وقصره في الثاني فيصدق على هذا السفر أيضا انه شغله وعمله في كل سنة ولكن لا يطلق على هذا الشخص ان عمله السفر ما لم يتخذه حرفة له على سبيل المداومة والمزارعة كسائر أرباب الصنائع وهذا هو السر في فهم الأصحاب من هذه الأخبار اعتبار الكثرة والتكرر في موضوع هذا الحكم ولو سلم ظهور التعليل فيما يعم مثل هذه الاشخاص الذين عملهم السفر في بعض السنة على النحو المزبور لوجب صرفه عن ذلك بالحمل على إرادة عمله الذي يتكرر صدوره منه لا مطلق عمله بحيث يتناول مثل الفرض جمعا بينه وبين قوله عليه السلام في صحيحة هشام الجمال الذي يختلف وليس له مقام الذي هو كالنص في خروج الجمال الذي ليس له الا سفر واحد في طول السنة ثم يستقر في وطنه عن موضوع الحكم بالتمام وقوله ع في المكاتبة المتقدمة إذا كنت لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر الا إلى مكة فعليك تقصير وفطور فإنه يدل على أنه يعتبر في رفع التقصير الملازمة والخروج معها في كل سفر ويؤيده أيضا توصيف الجابي والأمير والتاجر في خبر إسماعيل يوصف الدوران في عملهم الذي هو بمنزلة التكرر والاختلاف الوارد في صحيحة هشام المشعر بعليته للحكم هذا كله مع أنه لا خلاف على الظاهر في وجوب التقصير في مثل الفرض كما ستعرفه فالله العالم الثاني المنساق من الفتاوى والنصوص الدالة على وجوب الاتمام على من كان عمله السفر إرادة السفر البالغ حد المسافة الذي لولا العملية لكان مقتضيا للتقصير فمن كان عنده بعض الدواب واستعملها في الاحتطاب أو نقل الجص والاجر من مسافة فرسخ أو فرسخين خارج عن موضوع هذه الأدلة ولا أقل عن منصرفها بل قد ينصرف اطلاق قولنا فلان عمله السفر عن الاسفار القصرة التي ينقضي أمدها في يوم أو يومين أو ثلاثة ولكن انصرافه في مثل المقام عما بلغ حد المسافة بدوي يرتفع بعد الالتفات إلى المناسبة بين الموضوع وحكمه كما لا يخفى ولا يبعد ان يكون التردد إلى ما دون المسافة هو المراد بالاختلاف الوارد في خبر إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم ع عن الذين يكرون الدواب يختلفون كل الأيام أعليهم التقصير إذا كانوا في سفر قال نعم وخبره الاخر عنه أيضا قال سألته عن المكارين الذين يكرون يختلفون كل الأيام كلما جائهم شئ اختلفوا فقال عليهم التقصير إذا سافروا فليتأمل الثالث من كان عمله السفر كالمكارى ونحوه إذا أنشأ سفرا اخر من حج أو زيارة أو غير ذلك مما لا ربط له بعمله فهل يقصر في ذلك السفر وجهان بل قولان أوجههما ذلك إذ المنساق من التعليل بأنه عملهم بل المتبادر من اطلاقات الأدلة أيضا انما هو إرادة بيان الحكم لدى تلبسه بالسفر الذي يعد حال تلبسه به كونه مشغولا بعمله ولو بغير صنفه مما ليس من شأنه الاشتغال به لا مطلق السفر بحيث يعم ما لا ربط له بعمله كما يؤيده بل يشهد له قوله عليه السلام في خبر علي بن جعفر المتقدم أصحاب السفن يتمون الصلاة في سفنهم وفي صحيحة محمد بن مسلم ليس على الملاحين في سفينتهم تقصير وما في رواية إسحاق بن عمار من تعليل الاتمام على الملاحين كالاعراب بان بيوتهم معهم وقوله ع في الخبر الآتي إذا كان مختلفهم فليصوموا وليتموا الصلاة فإنها مشعرة بل ظاهرة في إرادة الاختصاص بما إذا كانوا مشغولين بعملهم بل ربما يستشعر من الخبر الأخير اعتبار الاختلاف والتردد في خصوص هذا الطريق ولكنه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذا الاشعار في مقابل الاطلاقات والله العالم الرابع قد ورد في عدة روايات ان المكارى إذا جد به السير يقصر منها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال المكارى والجمال إذا جدبهما السير فليقصرا وصحيحة البقباق قال سألت أبا عبد الله ع عن المكارين الذين يختلفون فقال إذا جدوا السير فليقصروا ومرسلة عمران بن محمد عن أبي عبد الله ع قال الجمال والمكارى إذا جدبهما السير فليقصرا فيما بين المنزلين ويتمافى المرسل وعن الكليني مرسلا قال وفي رواية أخرى المكارى إذا جدبه السير فليقصر قال ومعنى جدبه السير جعل المنزلين منزلا وخبر علي بن جعفر المروى عن كتابه عن أخيه ع قال سألته عن المكارين الذين يختلفون إلى النيل هل عليهم اتمام الصلاة قال إذا كان مختلفهم فليصوموا وليتموا الصلاة الا ان يجد بهم السير فليقصروا وليفطروا ومعنى الجد بالسير الاسراع فيه والاهتمام بشأنه جد بسيره إذا اجتهد فيه هكذا في مجمع البحرين وهو المتبادر منه عرفا واليه يؤل على الظاهر ما عن الشيخ في التهذيب من أنه بعد نقل الصحيحتين الأولين قال الوجه في هذين الخبرين ما ذكره محمد بن يعقوب الكليني ره وقال هذا محمول على من يجعل المنزلين منزلا فيقصر في الطريق ويتم في المنزل والذي يكشف عن ذلك ما رواه سعد بن عبد الله عن أحمد عن عمران بن محمد عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله ع قال المكارى والجمال إذا جدبهما السير فليقصرا فيما بين المنزلين ويتما في المنزل انتهى إذا الغالب على الظن ان قوله من يجعل المنزلين منزلا جار مجرى التمثيل للاسراع والعنف في السير الذي هو معنى الجد به وما في كلامه من الاستشهاد برواية عمران لعله لاثبات انه يقصر في الطريق ويتم في المنزل لا لأصل المعنى الذي ذكره كي يتوجه عليه ما أورده في الحدائق وغيره من أنه لا دلالة لها على ذلك وفي المدارك نقل عن الشهيد في الذكرى انه حمل الصحيحتين الآمرتين بالتقصير إذا جد بهما السير على ما إذا أنشأ المكارى والجمال سفرا غير صنعتهما قال ويكون المراد بجد السيران يكون مسيرهما متصلا كالحج والاسفار التي لا يصدق عليها انه صنعته واستقر به في المدارك وقال لا يعد استفادة الحكم من تعليل الاتمام في صحيحة زرارة بأنه عملهم ثم نقل عن الذكرى أيضا انه احتمل ان يكون المراد ان المكارين يتمون ما داموا مترددين في أقل من المسافة أو في مسافة غير مقصودة فإذا قصدوا مسافة قصروا ولكن هذا لا يختص المكارى والجمال به بل كل مسافر وعن العلامة في المختلف أنه قال الأقرب عندي حمل الحديثين على أنهما إذا قاما عشرة أيام قصرا وعن الشهيد الثاني في روض الجنان انه حملهما على ما إذا قصد المكارى والجمال المسافة قبل تحقق الكثرة أقول ولا يخفى ما في جميع هذه التوجيهات من البعد وكان الذي دعاهم إلى ارتكاب مثل هذه التوجيهات مخالفة هذه الأخبار بظاهرها للمشهور كما صرح به في مفتاح الكرامة فقال ما لفظه واعلم أنه قد ورد صحيحان صرح فيهما بان المكارى إذا جدبه السير قصر فأفتى جماعة من متأخري المتأخرين كصاحب والمنتقى والمدارك والذخيرة والمفاتيح
(٧٤٦)