ركوعه وسجوده في مكانه ثم يلحق بالصف بعد ان قام إلى الثانية كما يدل عليه صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام إذا دخلت المسجد والامام راكع فظنت انك ان مشيت إليه رفع رأسه قبل ان تدركه فكبر واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف فإذا جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف وخبر إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ادخل المسجد وقد ركع الامام فاركع بركوعه وانا وحدي واسجد فإذا رفعت رأسي أي شئ اصنع قال قم فاذهب إليهم و ان كانوا جلوسا فاجلس معهم وصحيحة معاوية بن وهب قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يوما دخل المسجد الحرام لصلاة العصر فلما كان دون الصفوف ركعوا فركع وحده ثم سجد سجدتين ثم قال فمضى حتى لحق الصف ونوقش في الأخير بأنه غير ما نحن فيه لمعلومية كون الايتمام منه عليه السلام بهم تقية فهو في الحقيقة منفرد وأجيب بأنه وان كان تقية الا ان الظاهر مراعاة احكام الجماعة كي لا ينكر عليه أقول ولكن على حسب ما يناسب التقية بمعنى انه عليه السلام بحسب الظاهر كان يراعى احكام الجماعة على وفق مذهب المخالفين فلا يستكشف حينئذ من فعله الذي اتى به تقية جوازه من حيث هو لولا التقية وكيف كان فهذا الحكم على اجماله مما لا اشكال فيه بل قد يقال بعدم الحاجة لاثباته في الجملة إلى الأخبار الخاصة بل يكفي فيه العمومات ولكن الكلام يقع فيه في مواضع أحدها انه هل يختص جواز الدخول في الصلاة في مكانه بما إذا لم يكن هناك مانع من الاقتداء كالبعد الذي لا يصح معه الاقتداء وعدم الحائل وعدم كون المكان أسفل من مكان الامام أو مقدما عليه وجهان بل قولان حكى أولهما عن صريح بعض وظاهر آخرين بل قد يلوح ذلك من عبارة المتن حيث يستشعر منه كون اللحوق بالصف عنه رخصة لا عزيمة فيستكشف من ذلك ان المفروض موضوعا للحكم في كلامه هو ما إذا دخل موضعا يجوز له الايتمام اختيارا فيكون هذا الحكم لديهم على هذا التقدير مستثنى من كراهة الانفراد بالصف لا التباعد ونحوه وقد استظهر في الجواهر عن بعض مشائخه دعوى اتفاق الأصحاب عليه والمبالغة في تشييده والانكار على من زعم استثنائه من التباعد ونحوه وربما يؤيده ما نقله عن المنتهى من أنه قال عند تعرضه لهذا الفرع لو فعل ذلك من غير ضرورة ولا عذر ولا خوف فوات فالظاهر الجواز خلافا لبعض العامة لان للمأموم ان يصلي منفردا وان يتقدم بين يديه وقيل بالثاني اخذا بإطلاق نصوص المسألة ولكن لم اعرف قائله مفصلا وقال شيخنا المرتضى رحمه الله بعد نقل القولين في المسألة ولا يبعد التفصيل بين البعد وغيره من الموانع فيجوز الأول دون الثاني اما الجواز مع البعد فلان الظاهر من صحيحة عبد الرحمن هو بعد المأموم عن أهل الجماعة وكون هذا الحكم من باب الرخصة في الاقتداء مع البعد المانع في غير المقام ويؤيده الامر بالمشي حتى يلحق بالصف ويبلغ القوم في الصحيحتين إذ لولا البعد المانع من الاقتداء لم يجب المشي بل جاز ان يصلي في مكانه ومن هنا يمكن ان يستدل بهاتين الصحيحتين عن كون البعد الكثير مانعا عن الاقتداء إذ لولا منعه عنه لم يؤمر بالمشي وحمل الامر على الاستحباب وارجاعه إلى الامر باتمام الصفوف خلاف الظاهر اللهم الا ان يجعل الامر لرفع توهم حظر المشي فتأمل ثم قال واما في لجواز في غيره من الموانع فلعموم أدلة منعها الا ان يقال إن غاية الأمر وقوع التعارض بينها وبين اطلاقات المسألة فيرجع إلى اطلاقات الجماعة السليمة عن مزاحمة أدلة الاشتراط لكنه مبني على وجود مثل هذه الاطلاقات بحيث تدل على صحة الجماعة بقول مطلق ولم أعثر من ذلك على ما تطمئن به النفس انتهى أقول ما ذكره من التفصيل بين البعد وغيره من الموانع جيد جدا فان سوق الصحيحتين الأوليين ويشهد بكونهما مسوقتين لبيان عدم مانعية البعد في مثل الفرض عن الدخول في الصلاة بنية الاتمام ثم اللحوق بالقوم في أثناء الركوع أو بعد الرفع من السجدتين فلهما نوع حكومة على ما دل على اعتبار الاجتماع في الجماعة خصوصا على القول باعتبار ان لا يكون الفصل في الجماعة بأكثر مما يتخطى فان الصحيحتين كالنص في إرادة الأكثر من ذلك واما ما عدا امر الموانع كالحائل أو أسفلية المكان ونحوهما فلا ينسبق إلى الذهن ملحوظيتها في هذه الأخبار وانما المتبادر منها إرادة بعده عن الجماعة لا غير فهي منصرفة عن صورة وجود سائر الموانع ولو سلم ظهورها في الشمول لم يبعد الالتزام بتقديمها على اطلاقات أدلة الموانع لما أشرنا إليه من أن سياقها سياق الحكومة وبيان الرخصة فيما لم يكن من شأنه لو خلى ونفسه ذلك فليتأمل ثم إن مقتضى ما قويناه من كون هذا الحكم مستثنى من مانعية البعد لا من كراهة الانفراد بالصف كون اللحوق اي البلوغ بالقوم اي البلوغ لا موضع يصح الايتمام اختيارا عزيمة لا رخصة كما يؤيده الامر به في الاخبار المزبورة ومقتضى ظاهر الصحيحة الأولى وجوب المبادرة إليه في الركوع وعدم جواز التأخير عنه ولكن قضية الجمع بينها وبين غيرها مما ورد فيه الامر به بعد القيام من السجود والجلوس الذي يعده التخيير وحيث يجوز له التأخير إلى ما بعد السجدتين يفهم من ذلك جوازه بعد رفع الرأس من الركوع أيضا وان لم يتبع التصريح به في الاخبار لعموم ما دل على جواز التقدم والمشي في الجملة والله العالم ثانيها انه هل يجوز المشي إلى الصف حال الاشتغال بالذكر الواجب في الركوع أو القراءة في القيام وجهان بل قولان فعن ظاهر بعض وصريح آخرين انهم قيدوه بغير حال الذكر والقراءة جمعا بينه وبين ما دل على اعتبار الطمأنينة فيهما ونوقش فيه بان تقييد اطلاق المشي بدليل الطمأنينة ليس بأولى من العكس بل لعله أولى لضعف دليلها عن تناول مثل المقام فان عمدته الاجماع المخصوص بغير محل الكلام وفيه أولا ان اعتبار الطمأنينة في الذكر ليس تقييدا لاطلاق قوله بمشي وهو راكع لان مقتضى هذه الاطلاق ليس الا جواز المشي واللحوق بالصف مطلقا ولو حال تشاغله بالذكر واما صحة الذكر الواقع حاله فهي تابعة لاطلاق دليله وعدم اشتراط الطمأنينة فيه في الغرض والا وجب عليه اعادته مطمئنا فلو أخل بذلك بطلت صلاته من حيث اخلاله بشرط الذكر لا من حيث لحوقه بالصف في خلاله من حيث هو على تقدير الشك في شرطيتها له في مثل الفرض وقصور دليل اعتبارها عن شموله لكونه لبيا كاجماع ونحوه يرجع إلى اطلاق دليل الذكر لو كان لدليله اطلاق والا فإلى الأصول العملية من البراءة أو الاحتياط على الخلاف في مسألة الشك في الشرطية لا اطلاق الامر بالمشي في ركوعه الوارد في هذه الصحيحة فإنه أجنبي عن ذلك اللهم الا ان يقال إنه يفهم عرفا من اطلاق الامر بالمشي في الركوع ولو من باب السكوت في مقام البيان عدم اشتراط الذكر الواجب في الركوع بوقوعه في غير حال المشي مع امكان ان يدعى ظهوره عرفا بعد تسليم شموله باطلاقه لحال الذكر في عدم مانعيته عن صحة الذكر الواقع حاله فليتأمل
(٦٩٢)