فيكون مرادهم بالالتفات إلى اليمن والشمال الذي حكموا بكراهته هو الالتفات اليهما على النحو المتعارف في المحاورات من كونه بصفحة وجهه الا التوجه اليهما بجميع الوجه على وجه لم نستبعد خروجه عرفا بذلك عن كونه عرفا بذلك عن كونه مستقبلا للقبلة كما أنه يحتمل ان يكون هذا المعنى هو المراد بالالتفات إلى الخلف في الخبر المروي عن مستطرفات السرائر نقلا عن جامع البزنطي صاحب الرضا (ع) قال سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته قال إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى ولا يعتد به وان كانت نافلة لم يقطع ذلك صلاته ولكن لا يعود والمروي عن قرب الإسناد وكتاب المسائل عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته قال إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى ولا يعتد به وان كانت نافلة لم يقطع ذلك و اما صحيحة علي بن جعفر المروية عن التهذيب وقرب الإسناد وكتاب المسائل عن أخيه موسى قال سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظن ان ثوبه قد انحرق أو اصابه شئ هل يصلح له ان ينظر فيه أو يفتشه قال إن كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس وان كان في مؤخره فلا يلتفت فإنه لا يصلح فيحتمل قويا إرادة الكراهة كما يشعر به لفظ لا يصلح إذا الغالب عدم توقف الفحص والتفتيش عن حال مؤخر ثوبه إلى الالتفات المنافي للاستقبال إذ الغالب ان النظر فيه يحصل بصرف مؤخر ثوبه إلى طرفه الذي يمكنه النظر إليه لا يصرف وجهه إلى مؤخره على وجه يخرجه عن حالة الاستقبال والله العالم ثم إن مقتضى ظاهر المتن أو صريحة اختصاص مبطلية الالتفات بصورة العمد كما حكى القول به غير واحد بل عن البيان في مسألة من نقص ركعة فما زاد في باب السهو ونسبه إلى ظاهر الأكثر فقال ظاهر أكثر الأصحاب عدم بطلان الصلاة بالاستدبار سهو بل عن الدروس المشهور عدم البطلان بالاستدبار سهوا أو حكى عن ظاهر كثير من القدماء والمتأخرين أو صريحهم التعميم وفي المدارك بعد ان قوي الحاق الالتفات بالوجه خاصة إلى اد الجانبين بالالتفات إلى ما ورائه قال هذا كله مع العمل اما لو وقع سهوا فإن كان يسيرا لا يبلغ حد اليمين واليسار لم يضر وان بلغه واتى بشئ من الافعال اعاده في الوقت والا فلا إعادة انتهى حجة القول بالتعميم اطلاق ما دل على قاطعية الالتفات وشرطية الاستقبال حال الصلاة وربما استدل له أيضا باطلاق قوله (ع) في صحية زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وفيه نظر إذ ليس له اطلاق أحوالي بالنسبة إلى العقد الا ثباتي الذي أريد بالاستثناء كما لا يخفى على المتأمل ويمكن الاستدلال له في خصوص السهو بخبر محمد بن مسلم المتقدم الوارد فيمن نقص ركعة سهوا الا ان يفرق بين المسئلتين كما ليس بالبعيد واستدل للقول بالاختصاص بحديث رفع الخطأ والنسيان والسهو ولا يتوجه عليه الخدشة بان النسبة بينه وبين ما دل على قاطعية الالتفات العموم من وجه فيرجع في مورد الاجتماع إلى ما يقتضيه قاعدة الشرطية اي اطلاق ما دل على شرطية الاستقبال اما لكونه مرجحا أو مرجعا بعد التعارض لحكومة حديث الرفع على عمومات أدلة التكاليف أو اطلاقاتها فلا يلاحظ النسبة بينها بل يقدم عليها وان كانت أعم من وجه كما تقرر في محله نعم لو تم الاستدلال بحديث لا تعاد لكن ذلك أيضا كذلك مقدما على هذا الحديث لكونه أخص مطلقا منه لوروده في خصوص السهو كما انا لو جوزنا الاستدلال بحديث لا تعاد لكان ذلك أيضا كذلك لوروده في غير العامد كما هو واضح ولكنك عرفت قصورهما عن إفادة المدعى و يتلوه في الضعف المناقشة فيه بأن المقصود بحديث الرفع رفع المؤاخذة على ما صدر خطأ أو سهوا لا مطلق اثرها فإنه دعوى بلا بينة بل المراد به بمقتضى ظاهره المعتضدة بجمله من القرائن الداخلية والخارجية رفع جميع الآثار الشرعية الثابتة لذوات ما تعلق به السهو والنسيان والخطأ من حيث هي بمقتضى عموم أدلتها لولا هذا الحديث مما يكون وضعه على المكلفين كله ومشقة عليهم ورفعه منه وتوسعه عليهم بحيث يتحقق بالنسبة إليه مفهوم الوضع والرفع ويناسبه الامتنان ينسبق إلى الذهن ارادته من الحديث فبطلان الصلاة الموجب لإعادتها بالاستدبار سهوا من اظهر الآثار التي ينفيه هذا الحديث ولكن يتوجه عليه ما تقدمت الإشارة إليه من أن حديث الرفع لا يرفع الا الآثار الشرعية المجعولة لذات ما صدر سهوا من حيث هي فعلا كان أو تركا دون ما يترتب على لوازمه العقلية أو العادية فلو لم يكن بطلان الصلاة بالالتفات من مقتضيات شرطة الاستقبال بل من اثار قاطعية الالتفات من حيث هو لا غير لاتجه الاستدلال باختصاص قاطعيته بحال العمد يحدث الرفع ولكنه ليس كذلك لأن الاستقبال شرط في الصلاة وليس معنى رفع السهو ان ما تركه سهوا يترتب عليه اثر وجوده بل معناه انه لا ترتب عليه اثر تركه لو كان لتركه من حيث هو اثر قابل للرفع فلو ترك واجبا شرعيا أو شرطيا نفسيا أو غيريا من عبادة أو معاملة فليس لتركه من حيث هو اثر سوى المؤاخذة عليه فهي مرفوعة مع السهو لاسقاط الامر المتعلق به أو غير ذلك مما هو من اثار وجوده كما هو الشأن في سائر العقود والايقاعات التي تعلق السهو والنسيان أو الاكراه أو الاضطرار بتركها أو بترك شئ من اجزائها أو شرائطها فإذا جعل الطهارة شرطا للصلاة أو القراءة جزء منها فهو كما لو جعل اقتران القبول بالايجاب أو القبض في المجلس شرطا لصحة معاملة فقد جعل لوجودها اثرا شرعيا وهو اعتبارها في الصلاة ويلزمه عقلا بطلان الصلاة بتركها فبطلان الصلاة بترك جزئها أو شرطها اثر عقلي للترك منتزع من اعتبار وجود ذلك الجزء أو الشرط في مهية الصلاة فلا يرفعه حديث الرفع ومن هنا قد يتجه التفصيل الذي ذكره في المدارك من الفرق بين ما لو حصل الالتفات حال الاتيان بفاعل الصلاة أو في خلالها بدعوى ان مرجع اعتبار الاستقبال في سائر أكوان الصلاة إلى مبطلية الالتفات حالها إذ ليس لوجود تلك الأكوان من حيث هي دخلا في مهية الصلاة شطرا أو شرطا فضلا عن صفتها فحديث الرفع يخصصه بحال العمد ولكنه لا يخلو عن نظر فإنه يظهر بالتدبر في النصوص والفتاوي انه يعتبر في الصلاة استقبال القبلة من أولها إلى اخرها على سبيل الاتصال فاستقبال القبلة ما دام مصليا شرط في مهية الصلاة من حيث هي لا في ابعاضها حتى يقتضي ذلك انتفاء شرطيته بالنسبة إلى الأكوان التي لا مدخليته لها في حقيقة الصلاة فالأوجه في لفرق وان الالتفات عن القبلة موجب للإعادة مطلقا ولكن في الوقت لا في خارجه لما عرفت في مبحث القلبة من أن الأظهر انه لو صلى إلى غير القبلة سهوا فهو كالمخطي
(٤٠٤)