فهو مسمت ومشمت وفي كلمات الأصحاب أيضا ايماء إليه وفي بعض الأخبار الآتية أيضا اشعار به بل شهادة عليه فالظاهر صدق اسم التسميت وتأدية السنة بمثل قوله غفر الله لك أو رحمة الله عليك أو هداك الله ونحوه بل الظاهر عدم اعتبار كونه بصيغة الخطاب فيستحق مسماه ولو بلفظ الغيبة كما لو قال رحم الله العاطس ولكن الأحوط الاتيان به بالصيغة المعروفة عند قصد التوظيف بل الأولى الاتيان به بصيغة الجمع لرواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة وان كان واحدا عند العطاس يقول يرحمكم الله وان لم يكن معه غيره والرجل يسلم على الرجل فيقول السلام علكيم والرجل يدعو للرجل فيقول عافاكم الله وان كان واحدا فان معه غيره وكيف كان فتسميت العاطس في حد ذاته من السنن الأكيدة وقد ورد الحث عليه في النصوص المستفيضة ان لم تكن متواترة والظاهر عدم اختصاص رجحانه بما إذا كان العاطس مؤمنا وما في جملة من الأخبار من جعله من حقوق المؤمن على المؤمن لا يقتضى اختصاص شرعيته به فالظاهر أنه من الآداب الحسنة التي ينبغي رعايته بالنسبة إلى كل من يخالطه الانسان وان كان مخالفا أو كافرا كما يشهد لذلك مضافا إلى الاطلاق بعض أدلته خصوص مرسلة ابن أبي بحران المروية عن الكافي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال عطس رجل نصراني عند أبي عبد الله (ع) فقال له القوم هداك الله فقال أبو عبد الله (ع) يرحمك الله فقالوا له انه نصراني فقال (ع) لا يهديه الله حتى يرحمه بل الظاهر عدم اشتراط البلوغ أيضا في استحبابه وما في بعض الأخبار من التعبير بلفظ الرجل جار مجرى الغالب وقد ورد في كثير من الروايات التعبير بلفظ الأخ أو المسلم وهو يتناول الصبي المميز المعدود في عداد المسلمين خصوصا ان قلنا بشرعية عبادته واسلامه كما هو الأظهر ودعوى الانصراف عنه غير مسموعة بل مناسبة المقام مقتضية للتعميم وان لم يعمه اللفظ كما في حق المرأة و ربما يؤيده أيضا خبر السكوني عن أبي عيد الله (ع) قال عطس غلام لم يبلغ الحلم عند النبي صلى الله عليه وآله فقال الحمد لله فقال النبي (ص) بارك الله فيك ولكن يحتمل ان يكون المراد به محض الدعاء للغلام لا التسميت وكيف كان فيكفي في الحكم برجحانه (مط) عمومات الأدلة الدالة على استحباب حسن المعاشرة والدعاء للغير فضلا عن خصوص ما ورد فيه فهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه ولكن لم يرد في شئ من الروايات التي عثرنا عليها ما يدل على استحبابه للمصلي فما في المتن وغيره من الحكم باستحباب التسميت للمصلي يراد به على الظاهر بيان عموم استحبابه لحال الصلاة لا انه من مستحباتها ولذا عبر غير واحد بالجواز من وكيف كان فجواز تسميت العاطس في الصلاة هو المعروف من مهذب الأصحاب ولم ينقل الخلاف فيه عن أحد منا عدى انه حكى عن المصنف (ره) في المعتبر التردد فيه مع ترجيحه أخيرا فقال ما لفظه وهل يجوز للمصلى تسميته بالدعاء له إذا كان مؤمنا عندي فيه تردد الجواز أشبه بالمذهب انتهى وعللوه بأنه دعاء للغير وهو في حد ذاته فعل سائغ في الصلاة فلا مانع من أن يعمه اطلاقات أدلته وفيه نظر فان الدعاء الذي دلت الأدلة عليه جوازه في الصلاة هو الدعاء الذي يتحقق به المناجاة مع الله تعالى الا المكالمة مع المخلوقين كما لا يخفى على من لاحظ النصوص الدالة عليه التي أسلفناها في مبحث القنوت وسيأتي التعرض لها أيضا في مسألة جواز الدعاء في الصلاة لكل شئ من امر الدين والدنيا فقولنا يرحمك الله تسميتا للعاطس ليس الا كقولنا صبحك الله بالخير أو سلام عليك أو رحم الله والديك أو غير ذلك من الكلمات التي تستعمل أهل العرف في محاوراتهم في مقام التحية ونحوها مما هو دعاء لهم على سبيل المخاطبة وهذا مما لا يكاد يفهم جوازه من شئ من تلك النصوص فيشكل الالتزام بجوازه مع كونه تكلما مع المخلوقين بكلام مفهم فهو من أوضح مصاديق الكلام الذي يعمه عموم قوله عليه السلام من تكلم في صلاته متعمدا فعليه إعادة الصلاة وكون النسبة بينه وبين أدلة التسميت العموم من وجه غير ومجد إذ لا معارضة بينهما كما أنه لا معارضة بين اطلاق ما دل على استحباب تشييع جنازة المؤمن و إجابة دعوته وبين ما دل على قاطعية الفعل الكثير منعم ان دل دليل على حرمة قطع الصلاة على الاطلاق حصل التنافي بين اطلاق ذلك الدليل وبين اطلاق أدلة التسميت (ولكن اطلاق دليل الاستحباب لا يصلح مزاحما لأدلة الحرمة فما في كلمات بعض متأخري المتأخرين ممن اعترف بخروج التسميت) عن الدعاء الذي دلت الأدلة على جوازه وكونه من مصاديق الكلام الذي اقتضت عمومات أدلته المنع عنه في الصلاة من الاستدلال على جوازه بشمول أدلته لحال الصلاة فينخفض بها عمومات أدلة القاطعية ولذا أخص بالجواز بتسميت المؤمن لعدم دليل يعتد به قاض باستحبابه لغير المؤمن كي يرفع اليدين به عن عموم دليل المنع عن الكلام لا يخلو من نظر فالانصاف ان الحكم بجوازه في غاية الاشكال اللهم الا ان ينعقد الاجماع عليه وان لا يخلو أيضا من اشكال حيث إن كثيرا منهم ان لم يكن كلهم أو جلهم استندوا في حكمهم بالجواز إلى كونه دعاء فيشكل (ح) التعويل على اجماعهم بعد وضوح مستندهم وتطرق الخدشة إليه فالمنع عنه ان لم يكن أقوى فلا ريب في كونه أحوط اللهم الا ان يوتى به بصيغة الغيبة أو استعمل لفظ الخطاب في الدعاء المحض معراة عن المخاطبة بان أراد من يرحمك الله ما يراد من لفظ اللهم ارحمه بنحو من التوسع وربما يؤيد المنع ما روته العامة عن معاوية بن الحكم أنه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله فعطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بابصارهم فقلت ما شأنك تنظرون إلى فجعلوا يضربون أيديهم على أفخاذهم فعلمت انهم يصمتونني فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن هذه الصلاة لا يصلي فيها كلام الناس انما هي التكبيرة فقراءة القرآن واحتمال ان يكون الانكار على خصوص قوله الثاني خلاف سوق الرواية مع ما فيه من اغراء الناس بالجهل وكون ما فيه من التعليل مقتضيا للتعميم وخبر غياث المروي عن مستطرفات السرائر نقلا من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب وعن جعفر عليه السلام في رجل عطس في الصلاة فسمت رجل فقال فسدت صلاة ذلك الرجل إذا الظاهر إرادة فساد صلاة الرجل المسمت لا العاطس الذي لا ربط للتسميت بصلاته فيظهر من ذلك ان مورد السؤال في صلاة الجماعة ونحوها مما كانوا جميعا في الصلاة فعطس رجل وسمته اخر ويحتمل بعيدا ان يكون محط نظر السائل معرفة حكم العاطس من حيث تكليفه بالرد وعدم فيكون الحكم بفساد صلاته بلحاظ صيرورته مكلفا بقطعها ورد الجواب وعلى هذا التقدير أيضا يدل على المدعى إذ لا فرق بين التسميت ورده جوازا ومنعا كما لا يخفى وربما يستشعر المنع أيضا من ترك ذكره في خبر أبي بصير المتقدم الوارد فيما يقوله في الصلاة عند سماع العطاس والله العالم فائدة
(٤١٩)