أو الصف المتقدم عليه ناسبا له إلى النص كلام الأصحاب وقد أشرنا إلى أن كلمات الأصحاب بظاهرها مختلفة فربما يظهر من جملة منهم في مسألة المحراب الداخل ذلك ففي القواعد قال لو صلى الامام في محراب داخل صحت صلاة من يشاهده من الصف الأول خاصة وصلاة الصفوف الباقية اجمع لأنهم يشاهدون من يشاهده ول كان الحائل مخرما صح انتهى وفي الدروس قال في شروط الجماعة تاسعها امكان مشاهدة المأموم الامام ولو بوسائط إلى أن قال ولو صلى في محراب داخل بطلت صلاة الجناحين من الصف الأول خاصة انتهى وقال المصنف في النافع إذا كان الامام في محراب داخل لم يصح صلاة من إلى جانبيه في الصف الأول وقال في الكتاب فيما يأتي إذا وقف الامام في محراب داخل فصلاة من يقابله ماضية دون صلاة من إلى جانبيه إذا لم يشاهدوه وتجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصف الأول لأنهم يشاهدون من يشاهد انتهى وعن ظاهر كثير منهم أو صريحهم خلافه وانه يكفي مشاهدة من يشاهد صلاة الامام ولو بوسائط سواء كان في صفه أو في الصف المتقدم عليه بل لعل هذا القول هو المشهور بينهم بل لم يثبت القول بخلافه ممن عدى المحقق البهبهاني فان كلمات من عرفت ممن يظهر منه ذلك قد يدعي كونها مؤنة القرائن داخلية أو خارجية بحمل الصف الأول في العبائر المزبورة على القطعتين المنعقدتين في جناحي المحراب محاذيا له بناء على أنهما مع الامام المتوسط بينهم صف واحد كما صنعه في الرياض وغيره مستشهدين لذلك بكون الجانب حقيقة في المحاذي للمنكب دون المتأخر عنه الواقف في سمت جانبيه وجعل في الرياض المراد بمن يشاهد الامام من الصف الأول في عبارة القواعد هو من دخل في المحراب مع الامام معترفا بأنه فرض نادر مدعيا انه لا يبعد تعرض الفقيه للفروض النادرة وفي المسالك حمل من يقابله في عبارة الكتاب على الصف الواقع خلف المحراب قال شيخنا المرتضى رحمه الله بعد ان حكى عن الرياض وغيره ارتكاب التأويل في العبائر المذكورة ما لفظه وكان الداعي لهم على توجيه العبائر المذكورة مضافا إلى تعليل صحة الصفوف الباقية في عبارتي الشرائع والقواعد بما يوجب صحة تمام الصف الذي بعضه مقابل المحراب وهو انهم يشاهدون من يشاهد الامام ان الحكم بصحة صلاة تمام الصف المذكور مفروغ عنه عندهم فلابد من توجيه ما يوهم خلافه من كلماتهم ولعل الامر كذلك كما ينبئ عنه ان الحكم المذكور بعد ما ذكره الشيخ على ما حكى عنه لم يصرح أحد ممن تأخر عنه بمخالفته أو بحكاية مخالف له ولذا قال في الكافية الحكم المذكور لا أحد فيه خلافا وقريب منه ما في الرياض نعم عن الذخيرة الاستشكال في الحكم المذكور ان لم يثبت اجماع عليه من جهة ظاهر الصحيحة المتقدمة وكيف كان فلم يظهر في المسألة مخالف إلى زمان المحقق الوحيد البهبهاني كما تقدم مخصصا للحكم بالصحة بصاحبي المنتهى والمدارك مع أن عبارة الشيخ المحكية في الذكرى و عبارة الوسيلة وعبائر الشهيدين والمحقق الثاني في الذكرى والجعفرية والمسالك كالصريح في القول المذكور بل يمكن نسبة ذلك إلى كل من تعرض لهذه الشرائط أعني اعتبار المشاهدة وعدم الحائل بين الإمام والمأموم وكذا بين الصفوف حيث إنهم ذكروا عنوانا واحدا بالنسبة إلى مشاهدة الامام ومشاهدة من يشاهده ولم يجعلوا مشاهدة الامام ومشاهدة المأموم المشاهد للامام شرطين متغايرين معتبرين على سبيل البدلية يعتبر في الأولى تحققها كيفما اتفق وفي الثانية تحققها من قدام المصلى بل الظاهر أن المقدار الكافي في إحديهما كاف في الأخرى ومن المعلوم بالاجتماع والسيرة صحة صلاة الصف المشتمل على الامام باعتبار مشاهدة الجانبين للامام بأطراف أعينهم فيكفي مثله في مشاهدة المصلي للامام إلى أن قال ويؤيد ما ذكرنا من كون الحكم بالصحة مفروغا عنه بينهم ان المتعرضين لحكم استدارة الصف حول الكعبة المختلفين فيه قد ادعى مجوزهم كالشهيد في الذكرى والاجماع عليه في الاعصار وتمسك مانعهم كالعلامة في بعض كتبه باعتبار اتحاد الجهة فكان هذا في قوة الاجماع منهم على أن عدم مشاهدة المأمومين المستورين عن الامام للمأموم المشاهد للامام من قدامهم غير مانع عن الاقتداء انتهى وكيف كان فمستند القول باعتبار مشاهدة الصف المتقدم دعوى ظهور قوله عليه السلام فإن كان بينهم سترة أو جدار في أن الجدار بين الصفين مبطل لصلاة أهل الصف المتأخر اجمع الا من كان منهم بحيال الباب إذا كان في الجدار باب يشاهد بعض أهل الصف من تقدمهم من الامام أو المأموم وفيه ان ظهوره في ذلك مبني على اختصاص مورده بالحائل الواقع بين الصفين بان يكون المراد به بقرينة سابقة واي صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم سترة أو جدار الحديث فعلى هذا لا يفهم منه حكم ما إذا كان بين الامام وبينهم سترة أو جدار مع أن هذا الفرض أيضا مراد بالرواية جزما سواء كانوا خلف الامام أو جانبيه كما يفصح عن ذلك قوله عليه السلام وهذه المقاصير إلى اخره فإنه بحسب الظاهر مسوق لدفع ما كان يرد على الحكم المذكور من الاشكال من كونه منافيا لما كان متعارفا بين المسلمين من الصلاة خلف المقاصير وكيف كان فالظاهر أن لم يكن مقطوعا به ان المقصود بهذه الفقرة بيان اعتبار ارتباط المأمومين بالامام ولو بوسائط بان لم يكن بينهم سترة أو جدار قاطع لعلاقة الارتباط بل وكذا المقصود بسابقتها ليس الا ذلك فالمقصود بمجموع الفقرات بيان اعتبار ارتباط المأموم بالامام في صحة صلاته بان لا يتخلل بينه وبين الامام أو المأمومين المربوطين به الفصل بقدر ما لا يتخطى أو بوجود حائل بينهم من سترة أو جدار ونحوه فتخصيص الصف الذي يتقدمهم بالذكر في الفقرة السابقة جار مجرى التمثيل بلحاظ الفرد الغالب المحتاج معه إلى الفصل في الجملة ولذا لا يكاد يرتاب أحد في دلالة هذه الصحيحة على عدم جواز ان يتباعد بعض أهل صف واحد عن بعض بأكثر مما يتخطى إذا لم يكن بين يديه صف اخر كما في الصف الأول أو طرف سائر الصفوف إذا كانت أطول مما تقدمها والحاصل انه ليس لخصوصية الصف الذي يتقدمهم في الفقرة التي تضمنته مدخلية في الحكم فضلا عن كون ذكره في تلك الفقرة قرينة على احتمال مثله في هذه الفقرة فالمراد بقوله فإن كان بينهم سترة أو جدار بحسب الظاهر هو المنع من الايتمام مع الحائل سواء كان الحائل واقعا بين
(٦٣٠)