الآتية وما في بعضها من الاطلاق يجب تقييده بما إذا لم يتجاوز المحل جمعا بينه وبين غيره مما ستعرف ولا يعارضها ما عن الشيخ في الصحيح عن الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام استقم قائما فلا أدري ركعت أم لا قال بلى قد ركعت فامض في صلاتك فان ذلك من الشيطان لقصورها عن المكافئة فيجب رد علمها إلى أهله وقد حملها الشيخ على إرادة القيام من السجود إلى ركعة أخرى والأولى حملها على كثير الشك بقرينة ذيلها فكان الإمام عليه السلام علم من حاله أو سؤاله بلحاظ اشعاره في كونه عادة له ان منشأ شكه الوسوسة كما يفصح عن ذلك قوله عليه السلام انما ذلك من الشيطان والله العالم ويدل على في لالتفات إلى شكه بعد الانتقال عن موضعه صحيحة زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة قال يمضي قلت رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر قال يمضي قلت رجل شك في التكبير وقد قرء قال يمضي قلت رجل شك في القراءة وقد ركع قال يمضي قلت شك في الركوع وقد سجد قال يمضي على صلاته ثم قال يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ وصحيحة إسماعيل بن جابر قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض وان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شئ شك فيه وبما جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه ورواه الشيخ أيضا بسند اخر عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثله وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سئلته عن رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع قال يمضي في صلاته وصحيحة حماد بن عثمان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أشك وانا ساجد فلا أدري ركعت أم لا فقال قد ركعت امضه وموثقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو ويمكن الخدشة في دلالة هذه الرواية بان المتبادر منها بقرينة قوله عليه السلام فامضه كما هو وظهور قوله مما قد مضى في كون التلبس به في الجملة محرزا هو الشك في الصحة لا في أصل الوجود كما هو محل الكلام فهذه الرواية لا تصلح مستندة الا لقاعدة الشك بعد الفراغ اي اصالة الصحة في العمل الذي فرغ منه وهي غير قاعدة الشك في الشئ بعد تجاوز المحل ونحوها خبره الآخر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كلما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه كما هو ولا إعادة عليك فيه وقد تقدم في باب الوضوء تنقيح مجرى هذه القاعدة وبيان الفرق بينها وبين القاعدة الأولى فراجع ثم إن مقتضى اطلاق الرواية المزبورة وصريح الصحيحة الأولى شمول حكم الشك للأولتين وعدم الفرق بين الركن وغير الركن ويدل أيضا صريحا على شمول الحكم للأولتين خبر محمد بن منصور قال سئلته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها فقال إذا خفت ان لا تكون وضعت وجهك الا مرة واحدة فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرة واحدة وليس عليك سهو فما ورد في جملة من الأخبار من عدم دخول السهو والشك في الأولتين أو في صلاة الغداة والمغرب ووجوب الحفظ فيها وسلامتها من الشك والسهو يتعين حمله على ما عدى ما ذكر بل على الشك في عدد الركعات كما يشهد لذلك جملة من المرجحات الداخلية والخارجية كما لا يخفى على المتأمل فما حكى عن المفيد وغيره من القول بالبطلان بكل سهو أو شك يتعلق بالأولتين ضعيف وكذا ما حكى عن ابن حمزة في الوسيلة من أنه قال تبطل بالشك في الركوع من الأولتين بعد الفراغ من السجود أو في السجود في واحدة منهما بعد الفراغ من الركوع ودعوى ان مرجعه لدى التحقيق إلى الشك في أصل الركعة كما حكى عن العلامة في التذكرة حيث قال وليس ببعيد من الصواب الفرق بين الركن وغيره فتبطل ان شك في الأولتين في ركن لأن الشك في الحقيقة شك في الركعة بخلاف ما إذا كان المشكوك فيه غير ركن ممنوعة وعلى تقدير التسليم فهي غير مجدية في مقابلة النص الخاص المصرح بعدم البطلان وهي الصحيحة المتقدمة التي كادت تكون صريحة في شمولها للأولتين مع اعتضادها بالشهرة وندرة القول بالخلاف على تقدير تحققه فهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه وانما الاشكال في تشخيص ما هو المناط في في لالتفات إلى الشك من أنه هل هو التجاوز والانتقال عن موضع المشكوك فيه كما هو ظاهر المتن فيكون اعتبار الدخول في الغير الذي ورد في اخبار الباب بلحاظ كونه من مقومات صدق اسم التجاوز فلا يتفاوت الحال حينئذ بين كون ذلك الغير من الافعال التي لها استقلال بالملاحظة في مرتبة الجزئية كالقراءة والركوع والسجود ونحوه وبين غيرها مما لا استقلال لها بالملاحظة كالكلمات والآيات بل وان لم يكن جزء كمقدمات الافعال مثل الهوى إلى السجود والنهوض إلى القيام ضرورة كفاية التلبس بمطلق ما هو مترتب على ذلك الشئ الذي شك فيه في صدق اسم التجاوز عنه والخروج من موضعه أو ان الدخول في الغير أيضا من حيث هو له دخل في ثبوت هذا الحكم فيقع الحاجة حينئذ إلى تشخيص ذلك الغير الذي اخذ قيدا في موضوع هذا الحكم من أنه هل هو مطلق الغير فلا يترتب على النزاع حينئذ ثمرة مهمة أو ان المراد به ما كان مثل الركوع والسجود ونحوه مما له عنوان مستقل أو خصوص الواجبات منها لا مثل القنوت أو خصوص الأركان كما ذهب إلى كل بعض فنقول استدل للقول باعتبار الدخول في الغير الذي له عنوان استقلالي بوقوع التعليق على الدخول في الغير في صحيحتي إسماعيل وزرارة المتقدمتين المسوقتين لبيان الضابط والمنساق إلى الذهن من الغير في مثل هذه الموارد إرادة فعل اخر من افعال الصلاة مما له استقلال بالملاحظة لا مطلق الغير كما يؤيد ذلك وقوع التمثيل في صدر صحيحة إسماعيل بالشك في الركوع بعد ما سجد وفي السجود بعد ما قام فلو كان الهوى إلى السجود و النهوض إلى القيام أو جلسة الاستراحة كافيا لكان أولى بالتمثيل في مقام التحديد واعطاء الضابط فيستكشف من ذلك ان المراد بالغير المذكور في ذيلها ليس مطلقه بل ما كان من هذا القبيل لشهادة السياق بان المراد بالذيل اعطائه قاعدة كلية ينطبق عليها حكم المثالين المذكورين في الصدر فما حكى عن بعض من الالتزام بعموم الغير وارتكاب التخصيص فيه بالنسبة إلى الهوى والنهوض بمفهوم المصدر ليس على ما ينبغي ويؤيده أيضا وقوع العطف بثم الظاهرة في التراخي إذ لو كان مطلق الدخول في الغير كافيا لكان ذلك من لوازم الخروج عن محل الشئ فلم يكن يناسبه العطف
(٥٥٧)