فلم يثبت وما ادعوه من الاجماع على ركنيته غير مثبت للاستقلال كما نبهنا عليه فيما سبق وكيف كان فمن ترك شيئا من الخمسة المزبورة التي جرى الاصطلاح على تسميتها أركانا ولو سهوا كمن أخل بالقيام حتى نوى أو بالنية حتى كبر وبالتكبير حتى قرء لم تصح صلاته وما ذكر من الترتيب من باب الترتيب الذكرى أو الرتبي لا الخارجي فان القيام الذي تبطل الصلاة بالاخلال به هو القيام حال التكبير سواء قلنا بجزئيته أو شرطيته للتكبير وكذلك النية المعتبرة في صحة الصلاة هي النية حال الفعل لا قبله ولكنها أعم من الاخطار بل يكفي الداعي كما تقدم تحقيق ذلك كله فيما سبق فمحل مجموع هذه الثلاثة هو ابتداء الصلاة فلو أخل بشئ منها بان كبر بلا قيام أو بلا نية أو تلبس بالقراءة من غير افتتاح لا يمكن تداركه مراعيا فيه الترتيب المعتبر في الصلاة الا باستينافها ولذا لم نجعل التلبس بالركن اللاحق وهو الركوع حد الفوات محل تدارك التكبير نعم على القول بجزئية النية وكونها هي الصورة المخطرة والإرادة التفصيلية السابقة على الفعل قد يتوهم ان حال التكبير أيضا حال سائر الأركان الواقعة في الأثناء التي لا تستلزم الاخلال بها بطلان الصلاة من رأس الا بالدخول في الركن اللاحق فله ما لم يركع ان يكبر ويقرء من غير أن يجدد النية كما ربما استظهر من الحلي ويدفعه بأنه مناف لما تسالموا عليه من اشتراط مقارنة النية للتكبير فان مقتضاه خروج النية السابقة عن صلاحية الجزئية بعد فوات التوالي وحصول الفعل بينها وبين التكبير وامتناع تدارك التكبير صحيحا الا بتجديدها هذا مع ما فيه من فساد المبني كما تقرر في محله أو أخل بالركوع حتى سجد أو بالسجدتين معا حتى ركع فيما بعد وقيل يسقط الزائد ويأتي بالفائت ويبني على صلاته سواء كان في الأولتين أو الأخيرتين وقيل يختص هذا الحكم بالأخيرتين ولو كان في الأولتين استأنف اما القول ببطلان الصلاة بالاخلال بالركوع حتى سجد فهو المحكى عن المفيد والمرتضى وسلار وابني إدريس والبراج وأبي الصلاح وظاهر ابن أبي عقيل بل نسبه غير واحد إلى المشهور بل إلى عامة المتأخرين وعن الشيخ في المبسوط أنه قال الركوع ركن من أركان الصلاة متى تركه عامدا أو ناسيا بطلت صلاته إذا كان في الركعتين الأولتين من كل صلاة وكذلك ان كان في الثالثة من المغرب وان كان من الركعتين الأخيرتين من الرباعية ان تركه متعمدا بطلت صلاته وان تركه ناسيا وسجد سجدتين أو واحدة منهما اسقط السجدة وقام فركع وتمم صلاته وقل عنه في كتابي الأخبار أيضا هذا التفصيل وحكى في المبسوط عن ما نقل عنه القول بالتلفيق واسقاط الزائد مطلقا وان كان في الأولتين عن بعض أصحابنا وعن العلامة في المنتهى انه اسند هذا القول إلى الشيخ أيضا وعن ابن الجنيد أنه قال ولو صحت له الأولى وسهى في الثانية سهوا لم يمكنه استدراكه كان أيقن وهو ساجد انه لم يركع فأراد البناء على الركعة الأولى التي صحت له رجوت ان يجزيه ذلك ولو أعاد ان كان في الأولتين وكان الوقت متسعا كان أحب إلي وفي الثانيتين ذلك يجزيه ويقرب منه ما عن علي بن بابويه قال وان نسيت الركوع بعد ما سجدت في الركعة الأولى فأعد صلاتك لأنه إذا لم يثبت لك الأولى لم يثبت لك صلاتك وان كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين واجعل الثالثة ثانية والرابعة ثالثة أقول فهذا قول بالتلفيق فيما عدى الأولى لا في خصوص الأخيرتين فهو قول رابع في المسألة واستدل للمشهور بان الناسي للركوع حتى يسجد لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى تحت عهدة التكليف ان يتحقق الامتثال وما رواه الشيخ في الصحيح عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل ينسى ان يركع حتى يسجد ويقوم قال يستقبل وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استئناف الصلاة وعن إسحاق بن عمار في الموثق قال سئلت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل ينسى ان يركع قال يستقبل حتى يضع كل شئ موضعه وخبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الرجل نسي ان يركع قال عليه الإعادة ونوقش في دلالة الصحيحة والموثقة بجواز ان يكون المراد بالاستقبال انه يستقبل من حيث أخل بصلاته اي الركعة التي ترك ركوعها لا انه يستأنف الصلاة وفيه ان المتبادر منه إرادة الاستيناف واستدل للقول بالتلفيق مطلقا بما عن الشيخ في التهذيب باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع قال قال فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني على صلاته على التمام فإن كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ وانصرف فليتم الصلاة بركعة وسجدتين ولا شئ عليه وعن الصدوق في الفقيه عن محمد بن مسلم بطريق صحيح عن أبي جعفر على ما في الحدائق وعن أبي عبد الله على ما في المدارك نحوه الا أنه قال في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع فقال يمضي في صلاته حتى يستيقن انه لم يركع (فان استيقن انه لم يركع) فليلق السجدتين الذين لا ركوع لهما ويبني على صلاته على التمام وان كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولا شئ عليه وما قيل من أن ما تضمنته هذه الرواية من قوله عليه السلام وان كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ (الخ) مما لم يقل به أحد فهو من المضعفات مدفوع بان القائل باسقاط الزائد بحسب الظاهر ملتزم بذلك إذ بعد اسقاط الزائد حاله حال من ذكر بعد التسليم نقصان ركعة فعليه الاتيان بها ما لم يصدر المنافي فاطلاقه منزل على هذا الفرض كما لعله هو منصرف لفظه بل لعل في قوله فليتم الصلاة بركعة كما في رواية الشيخ إشارة إليه وعن مستطرفات السرائر انه روى هذه الرواية من كتاب الحسن بن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم باختلاف في التعبير عن أبي جعفر عليه السلام قال في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع قال يمضي على شكه حتى يستيقن ولا شئ عليه وان استيقن لم يعتد السجدتين اللتين لا ركعة معهما ويتم ما بقي من صلاته ولا سهو عليه وعن الشيخ انه احتج في التهذيب على البطلان في الركعتين الأولتين وثالثة المغرب بالاخبار المتقدمة التي أوردناها دليلا للمشهور وعلى اسقاط الزائد والاتيان بالفائت في الركعتين الأخيرتين برواية محمد بن مسلم المزبورة وبصحيحة العيص بن القاسم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو وعن المصنف رحمه الله في المعتبر انه أجاب عن الرواية الأولى بان ظاهرها الاطلاق وهو متروك وتخصيصها بالأخيرتين تحكم وعن الثانية بأنها غير دالة
(٥٣٢)